تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل  
{يَٰبَنِيٓ إِسۡرَـٰٓءِيلَ ٱذۡكُرُواْ نِعۡمَتِيَ ٱلَّتِيٓ أَنۡعَمۡتُ عَلَيۡكُمۡ وَأَوۡفُواْ بِعَهۡدِيٓ أُوفِ بِعَهۡدِكُمۡ وَإِيَّـٰيَ فَٱرۡهَبُونِ} (40)

{ يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم } ، يعني أجدادهم ، فكانت النعمة حين أنجاهم من آل فرعون ، وأهلك عدوهم ، وحين فرق البحر لهم ، وحين أنزل عليهم المن والسلوى ، وحين ظلل عليهم الغمام بالنهار من حر الشمس ، وجعل لهم عمودا من نور يضيء لهم بالليل إذا لم يكن ضوء القمر ، وفجر لهم اثني عشر عينا من الحجر ، وأعطاهم التوراة فيها بيان كل شيء ، فدلهم على صنعه ليوحدوه عز وجل .

{ وأوفوا بعهدي } ، يعني اليهود ، وذلك أن الله عز وجل عهد إليهم في التوراة أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا ، وأن يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم وبالنبيين والكتاب ، فأخبر الله عز وجل عنهم في المائدة ، فقال : { ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا وقال الله إني معكم لئن أقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة وآمنتم برسلي } بمحمد صلى الله عليه وسلم { وعزرتموهم } ، يعني ونصرتموهم { وأقرضتم الله قرضا حسنا } ( المائدة : 12 ) فهذا الذي قال الله : { وأوفوا بعهدي } الذي عهدت إليكم في التوراة ، فإذا فعلتم ذلك { أوف } لكم { بعهدكم } ، يعني المغفرة والجنة ، فعاهدهم إن أوفوا له بما قال المغفرة والجنة ، فكفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم ، وبعيسى ، عليه السلام ، فذلك قوله سبحانه : { لأكفرن عنكم سيئاتكم ولأدخلنكم جنات تجري من تحتها الأنهار } ( المائدة : 12 ) فهذا وفاء الرب عز وجل لهم ، { وإياي فارهبون } ، يعني وإياي فخافون في محمد صلى الله عليه وسلم ، فمن كذب به فله النار .