الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع  
{يَٰبَنِيٓ إِسۡرَـٰٓءِيلَ ٱذۡكُرُواْ نِعۡمَتِيَ ٱلَّتِيٓ أَنۡعَمۡتُ عَلَيۡكُمۡ وَأَوۡفُواْ بِعَهۡدِيٓ أُوفِ بِعَهۡدِكُمۡ وَإِيَّـٰيَ فَٱرۡهَبُونِ} (40)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم}، يعني أجدادهم، فكانت النعمة حين أنجاهم من آل فرعون، وأهلك عدوهم، وحين فرق البحر لهم، وحين أنزل عليهم المن والسلوى، وحين ظلل عليهم الغمام بالنهار من حر الشمس... وفجر لهم اثني عشر عينا من الحجر، وأعطاهم التوراة فيها بيان كل شيء، فدلهم على صنعه ليوحدوه عز وجل.

{وأوفوا بعهدي}، يعني اليهود، وذلك أن الله عز وجل عهد إليهم في التوراة أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا، وأن يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم وبالنبيين والكتاب... فإذا فعلتم ذلك {أوف} لكم {بعهدكم}، يعني المغفرة والجنة، فعاهدهم إن أوفوا له بما قال المغفرة والجنة، فكفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم وبعيسى عليه السلام...

{وإياي فارهبون}، يعني وإياي فخافون...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

"يا بَنِي إسْرَائِيلَ": يا ولد يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الرحمن، وكان يعقوب يدعى إسرائيل، بمعنى عبد الله وصفوته من خلقه، وإيل هو الله، وإسرا: هو العبد، كما قيل جبريل بمعنى عبد الله...

عن ابن عباس: إن إسرائيل كقولك عبد الله...

وإنما خاطب الله جل ثناؤه بقوله: "يا بَنِي إسْرَائِيلَ "أحبار اليهود من بني إسرائيل الذين كانوا بين ظهراني مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنسبهم جلّ ذكره إلى يعقوب، كما نسب ذرية آدم إلى آدم، فقال: "يا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلّ مَسْجِدٍ "وما أشبه ذلك.

وإنما خصهم بالخطاب في هذه الآية والتي بعدها من الاَي التي ذكرهم فيها نعمه، وإن كان قد تقدم ما أنزل فيهم وفي غيرهم في أول هذه السورة ما قد تقدم، أن الذي احتجّ به من الحجج والآيات التي فيها أنباء أسلافهم وأخبار أوائلهم، وقصص الأمور التي هم بعلمها مخصوصون دون غيرهم من سائر الأمم، ليس عند غيرهم من العلم بصحته، وحقيقته مثل الذي لهم من العلم به إلا لمن اقتبس علم ذلك منهم. فعرّفهم باطلاع محمد على علمها مع بعد قومه وعشيرته من معرفتها، وقلة مزاولة محمد صلى الله عليه وسلم دراسة الكتب التي فيها أنباء ذلك، أن محمدا صلى الله عليه وسلم لم يصل إلى علم ذلك إلا بوحي من الله وتنزيل منه ذلك إليه، لأنهم من علم صحة ذلك بمحل ليس به من الأمم غيرهم...

عن ابن عباس قوله: "يا بَنِي إسْرَائِيلَ" قال: يا أهل الكتاب للأحبار من يهود...

"اذْكُرُوا نِعْمَتِي التِي أنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ": ونعمته التي أنعم بها على بني إسرائيل جل ذكره اصطفاؤه منهم الرسل، وإنزاله عليهم الكتب، واستنقاذه إياهم مما كانوا فيه من البلاء والضرّاء من فرعون وقومه، إلى التمكين لهم في الأرض، وتفجير عيون الماء من الحجر، وإطعام المنّ والسلوى. فأمر جل ثناؤه أعقابهم أن يكون ما سلف منه إلى آبائهم على ذكر، وأن لا ينسوا صنيعه إلى أسلافهم وآبائهم، فيحلّ بهم من النقم ما أحل بمن نسي نعمه عنده منهم وكفرها وجحد صنائعه عنده...

عن ابن عباس: "اذْكُرُوا نَعْمَتِي التي أنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ" أي آلائي عندكم وعند آبائكم لما كان نجاهم به من فرعون وقومه...

[و] عن أبي العالية في قوله: "اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ" قال: نعمته أن جعل منهم الأنبياء والرسل، وأنزل عليهم الكتب...

[و] عن مجاهد: "اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ التِي أنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ" يعني نعمته التي أنعم على بني إسرائيل فيما سمي وفيما سوى ذلك، فجر لهم الحجر، وأنزل عليهم المنّ والسلوى، وأنجاهم عن عبودية آل فرعون.

... قال ابن زيد في قوله: "نِعمتي الّتِي أنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ" قال: نعمه عامة، ولا نعمة أفضل من الإسلام، والنعم بعد تبع لها. وقرأ قول الله "يَمُنّونَ عَلَيْكَ أنْ أسْلَمُوا قُلْ لاَ تَمُنّوا عَلَيّ إسْلاَمَكُمْ..." الآية. وتذكير الله الذين ذكرهم جل ثناؤه بهذه الآية من نعمه على لسان رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، نظير تذكير موسى صلوات الله عليه أسلافهم على عهده الذي أخبر الله عنه أنه قال لهم. وذلك قوله: "وَإذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إذْ جَعَلَ فِيكُمْ أنْبِياءَ وَجَعَلَكُمْ مُلوكا وآتاكُمْ ما لَمْ يُؤْتِ أحَدا مِنَ العَالَمِينَ"...

"وأوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ": قد تقدم بياننا معنى العهد فيما مضى من كتابنا هذا واختلاف المختلفين في تأويله، والصوابُ عندنا من القول فيه. وهو في هذا الموضع عهد الله ووصيته التي أخذ على بني إسرائيل في التوراة أن يبينوا للناس أمر محمد صلى الله عليه وسلم أنه رسول، وأنهم يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة أنه نبيّ الله، وأن يؤمنوا به وبما جاء به من عند الله.

"أُوفِ بِعَهْدِكُمْ" وعهده إياهم: أنهم إذا فعلوا ذلك أدخلهم الجنة، كما قال جل ثناؤه: "وَلَقَدْ أَخَذَ اللّهُ مِيثاقَ بَنِي إسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمْ اثْنَي عَشَرَ نَقِيبا" الآية، وكما قال: "فَسأكْتُبُها للّذِينَ يَتّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزّكَاةَ وَالّذِينَ هُمْ بآياتنا يُؤْمِنُونَ الّذِينَ يَتّبِعُونَ الرّسُولَ النّبِيّ الأمّيّ..." الآية...

"أُوفِ بعَهْدِكُمْ": أي أنجز لكم ما وعدتكم عليه بتصديقه واتباعه بوضع ما كان عليكم من الإصر والأغلال التي كانت في أعناقكم بذنوبكم التي كانت من إحداثكم.

و...عن أبي العالية في قوله: "وأوفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ" قال: عهده إلى عباده: دين الإسلام أن يتبعوه. "أُوفِ بِعَهْدِكُمْ" يعني الجنة...

و عن ابن جريج في قوله: "وأوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ" قال: ذلك الميثاق الذي أخذ عليهم في المائدة:"وَلَقَدْ أَخَذَ اللّهُ مِيثاقَ بَني إسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَي عَشَرَ نَقِيبا" إلى آخر الآية. فهذا عهد الله الذي عهد إليهم، وهو عهد الله فينا، فمن أوفى بعهد الله وفى الله له بعهده...

عن ابن عباس في قوله: "وأُوفُوا بِعَهْدِي أوفِ بِعَهْدِكُمْ" يقول: أوفوا بما أمرتكم به من طاعتي ونهيتكم عنه من معصيتي في النبي صلى الله عليه وسلم وفي غيره."أوف بعهدكم" يقول: أرض عنكم وأدخلكم الجنة...

قال ابن زيد في قوله: "وأُوْفوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ" قال: أوفوا بأمري، أوف بالذي وعدتكم، وقرأ: "إنّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ المُؤْمِنِينَ أنُفُسَهُمْ وأمُوَالَهُمْ" حتى بلغ: "وَمَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ" قال: هذا عهده الذي عهده لهم.

"وَإِيّايَ فارْهَبُونِ": وإياي فاخشوا، واتقوا أيها المضيعون عهدي من بني إسرائيل والمكذّبون رسولي الذي أخذت ميثاقكم فيما أنزلت من الكتب على أنبيائي أن تؤمنوا به وتتبعوه، أن أحلّ بكم من عقوبتي، إن لم تنيبوا وتتوبوا إليّ باتباعه والإقرار بما أنزلت إليه ما أحللت بمن خالف أمري وكذّب رسلي من أسلافكم...

عن ابن عباس: "وَإيّايَ فَارْهَبُونِ" أن أنزل بكم ما أنزلت بمن كان قبلكم من آبائكم من النقمات التي قد عرفتم من المسخ وغيره...

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

وخصص بعض العلماء النعمة في هذه الآية؛ [فقالوا]: النعمة هنا أن أدركهم مدة محمد صلى الله عليه وسلم.

وقال أخرون: هي أن منحهم علم التوراة وجعلهم أهله وحملته... وهذه أقوال على جهة المثال، والعموم في اللفظة هو الحسن. وحكى مكي: أن المخاطب من بني إسرائيل بهذا الخطاب هم المؤمنون بمحمد صلى الله عليه وسلم، لأن الكافر لا نعمة لله عليه. وقال ابن عباس وجمهور العلماء: بل الخطاب لجميع بني إسرائيل في مدة النبي عليه السلام، مؤمنهم وكافرهم.

والضمير في {عليكم} يراد به على آبائكم، كما تقول العرب: ألم نهزمكم يوم كذا لوقعة كانت بين الآباء والأجداد، ومن قال إنما خوطب المؤمنون بمحمد صلى الله عليه وسلم استقام الضمير في {عليكم} ويجيء كل ما توالى من الأوامر على جهة الاستدامة...

وقوله تعالى: {وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم} أمر وجوابه.

واختلف المتأولون في هذا العهد إليهم؛ فقال الجمهور: ذلك عام في جميع أوامره ونواهيه ووصاياه، فيدخل في ذلك: ذكر محمد صلى الله عليه وسلم في التوراة. وقيل العهد قوله تعالى: {خذوا ما آتيناكم بقوة} (64) [البقرة: 63، 93]، وقال ابن جريج: العهد قوله تعالى: {ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل} [المائدة: 12].

الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 671 هـ :

تنبيه: قال أرباب المعاني: ربط سبحانه وتعالى بني إسرائيل بذكر النعمة، وأسقطه عن أمة محمد صلى الله عليه وسلم، ودعاهم إلى ذكره، فقال:"اذكروني أذكركم" [البقرة: 152] ليكون نظر الأمم من النعمة إلى المنعم، ونظر أمة محمد صلى الله عليه وسلم من المنعم إلى النعمة...

"وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم "أمر و [تقديره]... أوفوا بعهدي في أداء الفرائض على السنة والإخلاص، أوف بقبولها منكم ومجازاتكم عليها. وقال بعضهم:"أوفوا بعهدي "في العبادات" أوف بعهدكم "أي أوصلكم إلى منازل الرعايات.

وقيل:"أوفوا بعهدي "في حفظ آداب الظواهر" أوف بعهدكم "بتزيين سرائركم.

البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي 745 هـ :

"يا بَنِي إسْرَائِيلَ": أضافهم إلى لفظ إسرائيل، وهو يعقوب، ولم يقل: يا بني يعقوب، لما في لفظ إسرائيل من أن معناه عبد الله أو صفوة الله، وذلك على أحسن تفاسيره، فهزهم بالإضافة إليه، فكأنه قيل: يا بني عبد الله، أو يا بني صفوة الله، فكان في ذلك تنبيه على أن يكونوا مثل أبيهم في الخير، كما تقول: يا ابن الرجل الصالح أطع الله، فتضيفه إلى ما يحركه لطاعة الله، لأن الإنسان يحب أن يقتفي أثر آبائه، وإن لم يكن بذلك محموداً، فكيف إذا كان محموداً؟ ألا ترى:

{إنا وجدنا آباءنا على أمة} {بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا}. وفي قوله: {يا بني إسرائيل} دليل على أن من انتمى إلى شخص، ولو بوسائط كثيرة، يطلق عليه أنه ابنه، وعليه {يا بني آدم} ويسمى ذلك أباً.

"اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ التِي أنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ": والمراد بقوله: {يا بني إسرائيل اذكروا}: من كان بحضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة، وما والاها من بني إسرائيل، أو من أسلم من اليهود وآمن بالنبي صلى الله عليه وسلم، أو أسلاف بني إسرائيل وقدماؤهم، أقوال ثلاثة: والأقرب الأول، لأن من مات من أسلافهم لا يقال له: {وآمنوا بما أنزلت مصدقاً لما معكم}، إلا على ضرب بعيد من التأويل، ولأن من آمن منهم لا يقال له: {وآمنوا بما أنزلت مصدقاً لما معكم ولا تكونوا أول كافر به}، إلا بمجاز بعيد.

ويحتمل قوله: اذكروا الذكر باللسان والذكر بالقلب: فعلى الأول يكون المعنى: أمرّوا النعم على ألسنتكم ولا تغفلوا عنها، فإن إمرارها على اللسان ومدارستها سبب في أن لا تنسى. وعلى الثاني يكون المعنى: تنبهوا للنعم ولا تغفلوا عن شكرها.

وإنما ذكروا بهذه النعم لأن في جملتها ما شهد بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم، وهو: التوراة والإنجيل والزبور، ولئن يحذروا مخالفة ما دعوا إليه من الإيمان برسول الله والقرآن، ولأن تذكير النعم السالفة يطمع في النعم [الخالفة]، وذلك الطمع يمنع من إظهار المخالفة. وهذه النعم، وإن كانت على آبائهم، فهي أيضاً نعم عليهم، لأن هذه النعم حصل بها النسل، ولأن الانتساب إلى آباء شرفوا بنعم تعظيم في حق الأولاد.

تفسير المنار لرشيد رضا 1354 هـ :

{يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم وإياي فارهبون (41) وآمنوا بما أنزلت مصدقا لما معكم ولا تكونوا أول كافر به، ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا وإياي فاتقون (42) ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون (43) وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين}...

إن التفنن في مسائل مختلفة منتظمة في سلك موضوع واحد هو من أنواع بلاغة القرآن وخصائصه المدهشة التي لم تسبق لبليغ، ولن يبلغ شأوه فيها بليغ:

ذكر الكتاب أنه لا ريب فيه، ثم ذكر اختلاف الناس في فابتدأ بالمستعدين للإيمان به المنتظرين للهدى الذي يضيء نوره منه، وثنى بالمؤمنين، وثلث بالكافرين، وقفى عليهم بالمنافقين. ثم ضرب الأمثال لفرق الصنف الرابع ثم طالب الناس كلهم بعبادته، ثم أقام البرهان على كون الكتاب منزلا من الله على عبده محمد صلى الله عليه وسلم، وتحدى المرتابين بما أعجزهم، ثم حذر وأنذر، وبشر ووعد، ثم ذكر المثل والقدوة وهو الرسول، وذكر اختلاف الناس فيه كما ذكر اختلافهم في الكتاب، ثم حاج الكافرين، وجاءهم بأنصع البراهين، وهو إحياؤهم مرتين وإماتتهم مرتين، وخلق السموات والأرض لمنافعهم، ثم ذكر خلق الإنسان وبين أطواره، ثم طفق يخاطب الأمم والشعوب الموجودة في البلاد التي ظهرت فيها النبوة تفصيلا، فبدأ في هذه الآيات بذكر اليهود للمعنى الذي نذكره. والكلام لم يخرج بهذا التنويع عن انتظامه في سلكه، وحسن اتساقه في سبكه، فهو دائر على قطب واحد في فلكه، وهو الكتاب، والمرسل به، وحاله مع المرسل إليهم.

قال تعالى: {يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم}:... لما كانت سورة البقرة أول السور المدنية الطوال، وكان جل يهود بلاد العرب في جوارها، دعاهم الله تعالى فيها إلى الإسلام، وأقام عليهم الحجج والبراهين، وبين لهم من حقيقة دينهم وتاريخ سلفهم ما لم يكن يعلمه أحد من قومه المجاورين لهم، فضلا عن أهل وطنه بمكة المكرمة. قال شيخنا في سياق درسه ما مثاله:

" اختص بني إسرائيل بالخطاب اهتماما بهم لأنهم أقدم الشعوب الحاملة للكتب السماوية والمؤمنة بالأنبياء المعروفين، ولأنهم كانوا أشد الناس على المؤمنين، ولأن في دخولهم في الإسلام من الحجة على النصارى وغيرهم أقوى مما في دخول النصارى من الحجة عليهم، وهذه النعمة التي أطلقها في التذكير لعظم شأنها هي نعمة جعل النبوة فيهم زمنا طويلا (أو أعم) ولذلك كانوا يسمون شعب الله كما في كتبهم؛ وفي القرآن إن الله اصطفاهم وفضلهم، ولا شك أن هذه المنقبة نعمة عظيمة من الله منحهم إياها بفضله ورحمته فكانوا بها مفضلين على العالمين من الأمم والشعوب وكان الواجب عليهم أن يكونوا أكثر الناس لله شكرا، وأشدهم لنعمته ذكرا، وذلك بأن يؤمنوا بكل نبي يرسله لهدايتهم، ولكنهم جعلوا النعمة حجة الإعراض عن الإيمان، وسبب إيذاء النبي عليه السلام، لأنهم زعموا أن فضل الله تعالى محصور فيهم، وأنه لا يبعث نبيا إلا منهم؛ ولذلك بدأ الله تعالى خطابهم بالتذكير بنعمته، وقفى عليه بالأمر بالوفاء بعهده. فقال:

{وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم} عهد الله تعالى إليهم يعرف من الكتاب الذي نزله إليهم، فقد عهد إليهم أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا؛ وأن يؤمنوا برسله متى قامت الأدلة على صدقهم، وأن يخضعوا لأحكامه وشرائعه، وعهد إليهم أن يرسل نبيا من بني إخوتهم أي بني إسماعيل يقيم شعبا جديدا. هذا هو العهد الخاص المنصوص، ويدخل في عموم العهد عهد الله الأكبر الذي أخذه على جميع البشر بمقتضى الفطرة وهو التدبر والتروي، ووزن كل شيء بميزان العقل والنظر الصحيح، لا بميزان الهوى والغرور، ولو التفت بنو إسرائيل إلى هذا العهد الإلهي العام، أو إلى تلك العهود الخاصة المنصوصة في كتابهم، لآمنوا بالنبي صلى الله عليه وسلم واتبعوا النور الذي أنزل معه وكانوا من المفلحين، ولا حاجة إلى تخصيص العهد بالإيمان بالنبي صلى الله عليه وسلم كما فعل مفسرنا (الجلال) فإن الإيمان داخل في العهد العام وهو من أفراد العهد الخاص فلا دليل على قصر عموم العهد المضاف عليه.

هذا هو عهد الله وأما عهدهم فهو التمكين في الأرض المقدسة والنصر على الأمم الكافرة والرفعة في الدنيا وخفض العيش فيها. هذا هو الشائع في التوراة التي بين أيديهم، ولا شك أن الله تعالى قد وعدهم أيضا بسعادة الآخرة، ولكن لا دليل على هذا في التوراة إلا الإشارات، ولذلك ظنّ بعض الباحثين أن اليهود لا يؤمنون بالبعث، ومع هذا يقول (الجلال) كغيره إن هذا العهد هو دخول الجنة ويقتصر عليه.

ولما كان من موانع الوفاء بالعهد الذي فشا تركه في شعب إسرائيل خوف بعضهم من بعض لما بين الرؤساء والمرؤوسين من المنافع المشتركة عقب الأمر بالوفاء بقوله {وإياي فارهبون} أي إن كنتم تخافون فوت بعض المنافع، ونزول بعض المضار بكم إذا خالفتم الجماهير واتبعتم الحق، فالأولى أن لا تخافوا ولا ترهبوا إلا من بيده أزمة المنافع كلها، وهو الله الذي أنعم عليكم بتلك النعمة الكبرى أو النعم كلها، وهو وحده القادر على سلبها، وعلى العقوبة على ترك الشكر عليها، فارهبوه وحده لا ترهبوا سواه.

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

ابتداء من هذا المقطع في السورة يواجه السياق بني إسرائيل، وأولئك الذين واجهوا الدعوة في المدينة مواجهة نكرة؛ وقاوموها مقاومة خفية وظاهرة؛ وكادوا لها كيدا موصولا، لم يفتر لحظة منذ أن ظهر الإسلام بالمدينة؛ وتبين لهم أنه في طريقه إلى الهيمنة على مقاليدها، وعزلهم من القيادة الأدبية والاقتصادية التي كانت لهم، مذ وحد الأوس والخزرج، وسد الثغرات التي كانت تنفذ منها يهود، وشرع لهم منهجا مستقلا، يقوم على أساس الكتاب الجديد...

هذه المعركة التي شنها اليهود على الإسلام والمسلمين منذ ذلك التاريخ البعيد ثم لم يخب أوارها حتى اللحظة الحاضرة، بنفس الوسائل، ونفس الأساليب، لا يتغير إلا شكلها؛ أما حقيقتها فباقية، وأما طبيعتها فواحدة، وذلك على الرغم من أن العالم كله كان يطاردهم من جهة إلى جهة، ومن قرن إلى قرن، فلا يجدون لهم صدرا حنونا إلا في العالم الإسلامي المفتوح، الذي ينكر الاضطهادات الدينية والعنصرية، ويفتح أبوابه لكل مسالم لا يؤذي الإسلام ولا يكيد للمسلمين!

ولقد كان المنتظر أن يكون اليهود في المدينة هم أول من يؤمن بالرسالة الجديدة ويؤمن للرسول الجديد؛ مذ كان القرآن يصدق ما جاء في التوراة في عمومه؛ ومذ كانوا هم يتوقعون رسالة هذا الرسول، وعندهم أوصافه في البشارات التي يتضمنها كتابهم؛ وهم كانوا يستفتحون به على العرب المشركين. وهذا الدرس هو الشطر الأول من هذه الجولة الواسعة مع بني إسرائيل؛ بل هذه الحملة الشاملة لكشف موقفهم وفضح كيدهم؛ بعد استنفاد كل وسائل الدعوة معهم لترغيبهم في الإسلام، والانضمام إلى موكب الإيمان بالدين الجديد.

يبدأ هذا الدرس بنداء علوي جليل إلى بني إسرائيل، يذكرهم بنعمته -تعالى- عليهم ويدعوهم إلى الوفاء بعهدهم معه ليوفي بعهده معهم، وإلى تقواه وخشيته؛ يمهد بها لدعوتهم إلى الإيمان بما أنزله مصدقا لما معهم. ويندد بموقفهم منه، وكفرهم به أول من يكفر! كما يندد بتلبيسهم الحق بالباطل وكتمان الحق ليموهوا على الناس -وعلى المسلمين خاصة- ويشيعوا الفتنة والبلبلة في الصف الإسلامي، والشك والارتياب في نفوس الداخلين في الإسلام الجديد.

ويأمرهم أن يدخلوا في الصف. فيقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ويركعوا مع الراكعين، مستعينين على قهر نفوسهم وتطويعها للاندماج في الدين الجديد بالصبر والصلاة. وينكر عليهم أن يكونوا يدعون المشركين إلى الإيمان، وهم في الوقت ذاته يأبون أن يدخلوا في دين الله مسلمين!

ثم يبدأ في تذكيرهم بنعم الله التي أسبغها عليهم في تاريخهم الطويل. مخاطبا الحاضرين منهم كما لو كانوا هم الذين تلقوا هذه النعم على عهد موسى -عليه السلام- وذلك باعتبار أنهم أمة واحدة متضامنة الأجيال، متحدة الجبلة. كما هم في حقيقة الأمر وفق ما بدا من صفاتهم ومواقفهم في جميع العصور!

ويعاود تخويفهم باليوم الذي يخاف، حيث لا تجزي نفس عن نفس شيئا، ولا يقبل منها شفاعة، ولا يؤخذ منها فدية، ولا يجدون من ينصرهم ويعصمهم من العذاب.

ويستحضر أمام خيالهم مشهد نجاتهم من فرعون وملئه كأنه حاضر. ومشهد النعم الأخرى التي ظلت تتوالى عليهم من تظليل الغمام إلى المن والسلوى إلى تفجير الصخر بالماء..

ثم يذكرهم بما كان منهم بعد ذلك من انحرافات متوالية، ما يكاد يردهم عن واحدة منها حتى يعودوا إلى أخرى، وما يكاد يعفو عنهم من معصية حتى يقعوا في خطيئة، وما يكادون ينجون من عثرة حتى يقعوا في حفرة.. ونفوسهم هي هي في التوائها وعنادها وإصرارها على الالتواء والعناد، كما أنها هي هي في ضعفها عن حمل التكاليف، ونكولها عن الأمانة، ونكثها للعهد، ونقضها للمواثيق مع ربها ومع نبيها.. حتى لتبلغ أن تقتل أنبياءها بغير الحق، وتكفر بآيات ربها، وتعبد العجل وتجدف في حق الله فترفض الإيمان لنبيها حتى ترى الله جهرة؛ وتخالف عما أوصاها به الله وهي تدخل القرية فتفعل وتقول غير ما أمرت به؛ وتعتدي في السبت، وتنسى ميثاق الطور، وتماحل وتجادل في ذبح البقرة التي أمر الله بذبحها لحكمة خاصة...

وهذا كله مع الادعاء العريض بأنها هي وحدها المهتدية؛ وأن الله لا يرضى إلا عنها، وأن جميع الأديان باطلة وجميع الأمم ضالة عداها! مما يبطله القرآن في هذه الجولة، ويقرر أن كل من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا من جميع الملل، فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون..

هذه الحملة -سواء ما ورد منها في هذا الدرس وما يلي منها في سياق السورة- كانت ضرورية [أم] لا وقبل كل شيء لتحطيم دعاوى يهود، وكشف كيدها، وبيان حقيقتها وحقيقة دوافعها في الدس للإسلام والمسلمين. كما كانت ضرورية لتفتيح عيون المسلمين وقلوبهم لهذه الدسائس والمكايد التي توجه إلى مجتمعهم الجديد، وإلى الأصول التي يقوم عليها؛ كما توجه إلى وحدة الصف المسلم لخلخلته وإشاعة الفتنة فيه.

ومن جانب آخر كانت ضرورية لتحذير المسلمين من مزالق الطريق التي عثرت فيها أقدام الأمة المستخلفة قبلهم، فحرمت مقام الخلافة، وسلبت شرف القيام على أمانة الله في الأرض، ومنهجه لقيادة البشر. وقد تخللت هذه الحملة توجيهات ظاهرة وخفية للمسلمين لتحذيرهم من تلك المزالق...

وما كان أحوج الجماعة المسلمة في المدينة إلى هذه وتلك. وما أحوج الأمة المسلمة في كل وقت إلى تملي هذه التوجيهات، وإلى دراسة هذا القرآن بالعين المفتوحة والحس البصير، لتتلقى منه تعليمات القيادة الإلهية العلوية في معاركها التي تخوضها مع أعدائها التقليديين؛ ولتعرف منها كيف ترد على الكيد العميق الخبيث الذي يوجهونه إليها دائبين، بأخفى الوسائل، وأمكر الطرق.

وما يملك قلب لم يهتد بنور الإيمان، ولم يتلق التوجيه من تلك القيادة المطلعة على السر والعلن والباطن والظاهر، أن يدرك المسالك والدروب الخفية الخبيثة التي يتدسس فيها ذلك الكيد الخبيث المريب...

ثم نلحظ من جانب التناسق الفني والنفسي في الأداء القرآني، أن بدء هذه الجولة يلتحم بختام قصة آدم، وبالإيحاءات التي أشرنا إليها هناك، وهذا جانب من التكامل في السياق القرآني بين القصص والوسط الذي تعرض فيه: لقد مضى السياق قبل ذلك بتقرير أن الله خلق ما في الأرض جميعا للإنسان. ثم بقصة استخلاف آدم في الأرض بعهد الله الصريح الدقيق؛ وتكريمه على الملائكة؛ والوصية والنسيان، والندم والتوبة، والهداية والمغفرة، وتزويده بالتجربة الأولى في الصراع الطويل في الأرض، بين قوى الشر والفساد والهدم ممثلة في إبليس، وقوى الخير والصلاح والبناء ممثلة في الإنسان المعتصم بالإيمان. مضى السياق بهذا كله في السورة. ثم أعقبه بهذه الجولة مع بني إسرائيل، فذكر عهد الله معهم ونكثهم له؛ ونعمته عليهم وجحودهم بها؛ ورتب على هذا حرمانهم من الخلافة، وكتب عليهم الذلة، وحذر المؤمنين كيدهم كما حذرهم مزالقهم. فكانت هناك صلة ظاهرة بين قصة استخلاف آدم وقصة استخلاف بني إسرائيل، واتساق في السياق واضح وفي الأداء.

والقرآن لا يعرض هنا قصة بني إسرائيل، إنما يشير إلى مواقف منها ومشاهد باختصار أو بتطويل مناسب. وقد وردت القصة في السور المكية التي نزلت قبل هذا، ولكنها هناك كانت تذكر -مع غيرها- لتثبيت القلة المؤمنة في مكة بعرض تجارب الدعوة وموكب الإيمان الواصل منذ أول الخليقة، وتوجيه الجماعة المسلمة بما يناسب ظروفها في مكة. فأما هنا فالقصد هو ما أسلفنا من كشف حقيقة نوايا اليهود ووسائلهم وتحذير الجماعة المسلمة منها، وتحذيرها كذلك من الوقوع في مثل ما وقعت فيه قبلها يهود...

وبسبب اختلاف الهدف بين القرآن المكي والقرآن المدني اختلفت طريقة العرض؛ وإن كانت الحقائق التي عرضت هنا وهناك عن انحراف بني إسرائيل ومعصيتهم واحدة... ومن مراجعة المواضع التي وردت فيها قصة بني إسرائيل هنا وهناك يتبين أنها متفقة مع السياق الذي عرضت فيه، متممة لأهدافه وتوجيهاته..

وهي هنا متسقة مع السياق قبلها. سياق تكريم الإنسان، والعهد إليه والنسيان. متضمنة إشارات إلى وحدة الإنسانية، ووحدة دين الله المنزل إليها، ووحدة رسالاته، مع لفتات ولمسات للنفس البشرية ومقوماتها، وإلى عواقب الانحراف عن هذه المقومات التي نيطت بها خلافة الإنسان في الأرض؛ فمن كفر بها كفر بإنسانيته وفقد أسباب خلافته، وارتكس في عالم الحيوان. وقصة بني إسرائيل هي أكثر القصص ورودا في القرآن الكريم؛ والعناية بعرض مواقفها وعبرتها عناية ظاهرة، توحي بحكمة الله في علاج أمر هذه الأمة المسلمة، وتربيتها وإعدادها للخلافة الكبرى..

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

والمراد بالنعمة هنا جميع ما أنعم الله به على المخاطبين مباشرة أو بواسطة الإنعام على أسلافهم، فإن النعمة على الأسلاف نعمة على الأبناء لأنها سمعة لهم، وقدوة يقتدون بها، وبركة تعود عليهم منها، وصلاح حالهم الحاضر كان بسببها،

وبعض النعم يكون فيما فطر الله عليه الإنسان من فطنة وسلامة ضمير، وتلك قد تورث في الأبناء. ولولا تلك النعم لهلك سلفهم، أو لساءت حالهم، فجاء أبناؤهم في شر حال. فيشمل هذا جميع النعم التي أنعم الله بها عليهم، فهو بمنزلة اذكروا نعمي عليكم. وهذا العموم مستفاد من إضافة نعمة إلى ضمير الله تعالى، إذ الإضافة تأتي لما تأتي له اللام ولا يستقيم من معاني اللام العهد، إذ ليس في الكلام نعمة معينة معهودة.

التفسير الحديث لدروزة 1404 هـ :

ولقد احتوت الآيات:

- تذكيرا مكررا بأفضال الله على بني إسرائيل.

- وإهابة لهم للوفاء بعهده حتى يوفي لهم بعهده مع اتقاء غضبه.

- وأمرا بالإيمان برسالة النبي والقرآن مع إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والركوع مع الراكعين دون انفراد.

- ونهيا عن أن يكونوا من أول الكافرين بها ابتغاء أعراض الدنيا التافهة وعن تشويه الحق بالباطل وكتمه مع معرفتهم به حق المعرفة.

- وتنديدا بأسلوب السؤال الاستنكاري عما إذا كان يصح مع دعواهم العقل أن يأمروا الناس بالبر والعمل الصالح وينسون أن يفعلوا هم ذلك وهم يعرفون مدى ما في هذا من مناقضة؛ لأنهم يقرأون الكتاب ويعلمون منه الحق والواجب.

-ودعوة لهم إلى اتقاء غضب الله في اليوم الآخر يوم لا تجزى فيه نفس عن نفس ولا يقبل في أحد شفاعة والتماس ولا يؤخذ من أحد بدل ولا يجد أحد نصيرا له من دون الله.

وقد تضمنت الآيتان الخامسة والسادسة [44 و45] وهما تأمرانهم بالاستعانة بالصبر والصلاة تقرير كون الاعتراف بالحق والتزامه وإن كان شاقا على الطبع إلا أن ذلك ليس على الناس الخاشعين لله المعترفين له الذين يوقنون أنهم ملاقوه وراجعون إليه والمفروض أنهم منهم.

ومع أن الآيات هي بسبيل بيان موقف اليهود والتنديد به فإنها احتوت تلقينات جليلة مستمرة المدى لكل مسلم في كل وقت. سواء في التنبيه على ما في كتم الحق وتشويهه بالباطل والمكابرة فيه عن تعمد وعلم ونبذ آيات الله لقاء منافع دنيوية من إثم ديني وأخلاقي، أم ما في أمر المرء غيره بالخير والمكرمات ومناقضته لذلك في خاصة نفسه، أم ما في نسيان فضل الله وجحوده من مثل ذلك، وفي وجوب اجتناب ذلك أيضا.

وفي الآيتين الخامسة والسادسة ينطوي تلقين جليل فيه معالجة روحية رائعة وهي التنبيه على ما في الصلاة من التوجه إلى الله وذكره والخشوع له والخوف منه والتحلي بالصبر في سبيل مرضاته من أٍسباب طمأنينة النفس وإلانة الطبع وجعل الإنسان يعترف بالحق ولا يماري فيه مهما كان ذلك شاقا. وقد تكرر هذا في مواضع عديدة من السور المكية.