تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل  
{ذَٰلِكَۖ وَمَن يُعَظِّمۡ حُرُمَٰتِ ٱللَّهِ فَهُوَ خَيۡرٞ لَّهُۥ عِندَ رَبِّهِۦۗ وَأُحِلَّتۡ لَكُمُ ٱلۡأَنۡعَٰمُ إِلَّا مَا يُتۡلَىٰ عَلَيۡكُمۡۖ فَٱجۡتَنِبُواْ ٱلرِّجۡسَ مِنَ ٱلۡأَوۡثَٰنِ وَٱجۡتَنِبُواْ قَوۡلَ ٱلزُّورِ} (30)

{ ذلك ومن يعظم حرمات الله } يعنى أمر المناسك كلها { فهو خير له عند ربه } في الآخرة { وأحلت لكم } بهيمة { الأنعام } التي حرموا للآلهة في سورة الأنعام { إلا ما يتلى عليكم } من التحريم في أول سورة المائدة { فاجتنبوا الرجس من الأوثان } فيها تقديم يقول : اتقوا عبادة اللات والعزى ومناة ، وهي الأوثان { واجتنبوا قول الزور } آية ، يقول : اتقوا الكذب ، وهو الشرك .

حدثنا أبو محمد ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثنا الهذيل ، عن مقاتل ، عن محمد بن علي ، في قوله تعالى : { واجتنبوا قول الزور } قال : الكذب وهو الشرك في التلبية ، وذلك أن الخمس قريش ، وخزاعة ، وكنانة ، وعامر بن صعصعة ، في الجاهلية كانوا يقولون في التلبية : لبيك اللهم لبيك ، ليبك لا شريك لك ، إلا شريكا هو لك ، تملكه وما ملك ، يعنون الملائكة التي تعبد هذا هو قول الزور لقولهم : إلا شريكا هو لك .

وكان أهل اليمن في الجاهلية يقولون في التلبية : نحن عرابا عك عك إليك عانية ، عبادك اليمانية ، كيما نحج الثانية ، على القلاص الناحية . وكانت تميم تقول في إحرامها : لبيك ما نهارنا نجره ، إدلاجه وبرده وحره ، لا يتقي شيئا ولا يضره ، حجا لرب مستقيم بره .

وكانت ربيعة تقول : لبيك اللهم حجا حقا ، تعبدا ورقا ، لم نأتك للمناحة ، ولا حبا للرباحة . وكانت قيس عيلان تقول : لبيك لولا أن بكرا دونكا ، بنو أغيار وهم يلونكا ، ببرك الناس ويفخرونكا ، ما زال منا عجيجا يأتونكا .

وكانت جرهم تقول في إحرامها : لبيك إن جرهما عبادك ، والناس طرف وهم تلادك ، وهم لعمري عمروا بلادك ، لا يطاق ربنا يعادك ، وهم الأولون على ميعادك ، وهم يعادون كل من يعادك ، حتى يقيموا الذين في وادك . وكانت قضاعة تقول : لبيك رب الحل والإحرام ، ارحم مقام عبد وآم ، أتوك يمشون على الأقدام .

وكانت أسد وغطفان تقول في إحرامها بشعر اليمن : لبيك ، إليك تعدوا قلقا وضينها ، معترضا في بطنها جنينها ، مخالفا دين النصارى دينها . وكانت النساء تطفن بالليل عراة ، وقال بعضهم : لا بل نهارا تأخذ إحداهن حاشية برد تستر به ، وتقول : اليوم يبدوا بعضه أو كله ، وما بدا منه فلا أحله ، كم من لبيب عقله يضله ، وناظر ينظر فما يمله ضخم من الجثم عظيم ظله .

وكانت تلبيه آدم ، عليه السلام : لبيك الله لبيك عبد خلقته بيديك ، كرمت فأعطيت ، قربت فأدنين ، تباركت وتعاليت ، أنت رب البيت .

فأنزل الله عز وجل : { واجتنبوا قول الزور } يعنى الكذب ، وهو الشرك في الإحرام ،