الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{ذَٰلِكَۖ وَمَن يُعَظِّمۡ حُرُمَٰتِ ٱللَّهِ فَهُوَ خَيۡرٞ لَّهُۥ عِندَ رَبِّهِۦۗ وَأُحِلَّتۡ لَكُمُ ٱلۡأَنۡعَٰمُ إِلَّا مَا يُتۡلَىٰ عَلَيۡكُمۡۖ فَٱجۡتَنِبُواْ ٱلرِّجۡسَ مِنَ ٱلۡأَوۡثَٰنِ وَٱجۡتَنِبُواْ قَوۡلَ ٱلزُّورِ} (30)

ثم قال تعالى : { ذلك من يعظم حرمات الله }[ 28 ] .

أي : الأمر ، ذلك من الفروض .

وقيل : معناه : ذلك الذي أمرتم{[46877]} به من الوفاء بالنذور ، والطواف بالبيت العتيق هو الفرض الواجب عليكم في حجكم .

{ ومن يعظم حرمات الله } أي : ومن يجتنب مع ذلك ما أمره الله باجتنابه في حال إحرامه تعظيما منه لحدود الله أن يواقعها ، فهو خير له عند ربه في الآخرة .

قال مجاهد{[46878]} : { حرمات الله } هي مكة والحج والعمرة ، وما نهى الله عنه من المعاصي كلها .

وقال ابن زيد{[46879]} : { حرمات الله } المسجد الحرام والبيت الحرام والبلد الحرام .

ثم قال تعالى : { وأحلت لكم الأنعام } أي : أحلها الله لكم أن تأكلوها إذا ذكيتموها{[46880]} ، لم يحرم عليك بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام .

ثم قال : { إلا ما يتلى عليكم } أي : في كتاب الله ، وذلك الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به ، والمنخنقة والموقودة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع وما ذبح على النصب ، فذلك رجس كله .

وقال قتادة{[46881]} : { إلا ما يتلى عليكم } الميتة وما لم يذكر اسم الله عليه .

وقيل : هو الصيد المحرم على المحرمين .

فالمعنى : أحل لكم في حال إحرامكم أكل لحم{[46882]} الإبل والبقر والغنم ، إلا ما يتلى عليكم من تحريم الصيد عليكم وأنتم محرمون .

ثم قال تعالى : { فاجتنبوا الرجس من الأوثان } أي : النتن ، و( من ) لبيان الجنس{[46883]} .

وقال الأخفش{[46884]} : هي للتبعيض . أي : فاجتنبوا الرجس الذي هو من الأوثان ، أي : عبادتها .

وقال ابن عباس{[46885]} : معناه : اجتنبوا طاعة الشيطان في عبادة الأوثان .

وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال{[46886]} : " عدلت{[46887]} شهادة الزور بالشرك بالله ، ثم قرأ{[46888]} { فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور } .

وقال ابن جريج{[46889]} : { قول الزور } : الكذب ، والفرية على الله جل ثناؤه ، وهو قول : ابن عباس ومجاهد وغيرهم{[46890]} .

وقيل{[46891]} : { قول الزور } قولهم : إن الملائكة بنات الله ، تعالى الله عن ذلك .

وقيل : معناه : اجتنبوا تعظيم الأوثان والذبح لها .

وسماها رجسا ، استقذارا لها . وكانوا ينحرون عندها{[46892]} ، ويصبون عليها الدماء . فيقذرونها ، وهم مع ذلك يعظمونها ، فنهى الله المسلمين عن ذلك كله .


[46877]:ز: أمرتكم.
[46878]:انظر: جامع البيان 17/153 وتفسير ابن كثير 3/218 والدر المنثور 4/358.
[46879]:انظر: المصدر السابق.
[46880]:ز: ركبتموها. (تحريف).
[46881]:انظر: جامع البيان 17/153 وتفسير ابن كثير 3/218.
[46882]:ز: لحوم.
[46883]:انظر: تفسير القرطبي 12/54.
[46884]:انظر: معاني الأخفش 2/414.
[46885]:انظر: جامع البيان 17/154 وتفسير القرطبي 12/54 والدر المنثور 4/359.
[46886]:انظر: سنن ابن ماجة 2/794 (كتاب الأحكام) ومسند أحمد 4/178.
[46887]:ز: عدلت هنا.
[46888]:ز: قال. (تحريف)؟
[46889]:ذكره ابن العربي في أحكام القرآن 3/1285، ولم ينسبه لاحد.
[46890]:ز: غيرهما. وانظر: أقوالهم في جامع البيان 17/154 وزاد المسير 5/429 والدر المنثور 4/359.
[46891]:وهو قول: الطبري في جامع البيان 17/154.
[46892]:ز: ينحرونها. (تحريف).