فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{ذَٰلِكَۖ وَمَن يُعَظِّمۡ حُرُمَٰتِ ٱللَّهِ فَهُوَ خَيۡرٞ لَّهُۥ عِندَ رَبِّهِۦۗ وَأُحِلَّتۡ لَكُمُ ٱلۡأَنۡعَٰمُ إِلَّا مَا يُتۡلَىٰ عَلَيۡكُمۡۖ فَٱجۡتَنِبُواْ ٱلرِّجۡسَ مِنَ ٱلۡأَوۡثَٰنِ وَٱجۡتَنِبُواْ قَوۡلَ ٱلزُّورِ} (30)

{ ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ { 30 ) حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ { 31 ) } .

امتثلوا ذلك الذي شرعت لكم ، وأمرت بأدائه ، ومن يعظم أوامر الله ويحرص على إتمام العبادة والمناسك فهو خير ثوابا لمن أتم ووفى ، وأجره عند الكريم الشكور الذي يقبل القليل ، ويهب عليه الأجر الجزيل والثواب الجميل ؛ { وأحلت لكم الأنعام } أحلت لكم لحوم الأنعام وهي ثمانية : الإبل والبقر والضأن والمعز ، الذكور من هذه الأربعة والإناث منها { إلا ما يتلى عليكم } لكن ما يتلى عليكم في كتاب الله من المحرمات فلا يحل لكم تناول لحمه ؛ ولقد بين الكتاب العزيز ما حرم حتى من هذه الثمانية ، وذلك كالميتة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع وما ذبح على النصب ؛ { فاجتنبوا الرجس من الأوثان } فلا تقربوا قذرا ، ولا تعبدوا وثنا ؛ { من } قيل : إنها لبيان الجنس ، فيقع نهيه عن رجس الأوثان فقط ، ويبقى سائر الأرجاس نهيها في غير هذا الموضع ؛ وقيل : { من } لابتداء الغاية ، نهاهم عن الرجس عاما ثم عين لهم مبدأه الذي منه يلحقهم ، إذ عبادة الوثن جامعة لكل فساد ورجس ؛ الرجس : الشيء القذر ؛ والوثن : التمثال من خشب أو حديد أو ذهب أو فضة ونحوها ، وكانت العرب تنصبها وتعبدها ، والنصارى تنصب الصليب وتعبده وتعظمه فهو كالتمثال أيضا ؛ وقال عدي بن حاتم : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وفي عنقي صليب من ذهب فقال : " ألق هذا الوثن عنك " أي الصليب ؛ . . . . وقيل وصفها بالرجس ، والرجس النجس في نجسة حكما ؛ وليست النجاسة وصفا ذاتيا للأعيان وإنما هي وصف شرعي من أحكام الإيمان ، فلا تزال إلا بالإيمان كما لا تجوز الطهارة إلا بالماء . . . ؛ { واجتنبوا قول الزور } . . والزور : الباطل والكذب ، . . وكل ما عدا الحق فهو كذب وباطل وزور ، وفي الخبر أنه عليه السلام قام خطيبا فقال : " عدلت شهادة الزور الشرك بالله " . . يعني أنها جمعت مع عبادة الأوثان في النهي عنها {[2245]} .


[2245]:ما بين العارضتين من الجامع لأحكام القرآن.