تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل  
{أَوۡ كَظُلُمَٰتٖ فِي بَحۡرٖ لُّجِّيّٖ يَغۡشَىٰهُ مَوۡجٞ مِّن فَوۡقِهِۦ مَوۡجٞ مِّن فَوۡقِهِۦ سَحَابٞۚ ظُلُمَٰتُۢ بَعۡضُهَا فَوۡقَ بَعۡضٍ إِذَآ أَخۡرَجَ يَدَهُۥ لَمۡ يَكَدۡ يَرَىٰهَاۗ وَمَن لَّمۡ يَجۡعَلِ ٱللَّهُ لَهُۥ نُورٗا فَمَا لَهُۥ مِن نُّورٍ} (40)

ثم ضرب الله عز وجل لشيبة وكفره بالإيمان مثلا آخر ، فقال : { أو كظلمات في بحر لجي } يعنى في بحر عميق ، والبحر إذا كان عميقا كان أشد لظلمته ، يعنى بالظلمات الظلمة التي فيها الكافر ، والبحر اللجي قلب الكافر { يغشاه موج } فوق الماء ، ثم يذهب عنه ذلك الموج ، ثم يغشاه موج آخر مكان الموج الأول ، فذلك قوله عز وجل : { يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات } فهي ظلمة الموج ، وظلمة الليل ، وظلمة البحر والسحاب ، يقول : وهذه ظلمات { بعضها فوق بعض } فهكذا الكافر قبله مظلم ، في صدر مظلم ، في جسد مظلم ؛ لا يبصر نور الإيمان ، كما أن صاحب البحر { إذا أخرج يده } في ظلمة الماء { لم يكد يراها } } يعنى لم يرها البتة ، فذلك قوله عز وجل : { ومن لم يجعل الله له نورا } يعنى الهدى الإيمان { فما له من نور } آية ، يعنى من هدى .

{ إذا أخرج يده لم يكد يراها } لم يقارب به البصر ، كقوله الرجل لم يصب ، ولم يقارب .