تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان  
{أَوۡ كَظُلُمَٰتٖ فِي بَحۡرٖ لُّجِّيّٖ يَغۡشَىٰهُ مَوۡجٞ مِّن فَوۡقِهِۦ مَوۡجٞ مِّن فَوۡقِهِۦ سَحَابٞۚ ظُلُمَٰتُۢ بَعۡضُهَا فَوۡقَ بَعۡضٍ إِذَآ أَخۡرَجَ يَدَهُۥ لَمۡ يَكَدۡ يَرَىٰهَاۗ وَمَن لَّمۡ يَجۡعَلِ ٱللَّهُ لَهُۥ نُورٗا فَمَا لَهُۥ مِن نُّورٍ} (40)

لُجّيّ : اللج معظم الماء حيث لا يدرَك قعره ، وبحر لجي : عميق .

يغشاه : يغطيه .

لم يكد يراها : تصعب رؤيتها .

وهذه صورة أخرى من صور حال الكفار الجاحدين . فأعمالُ الكافرين في الدنيا كمثل السراب الذي ليس بشيء ، أو كهذه الظلمات في البحر العميق ، تتلاطم أمواجه ويتراكم بعضها فوق بعض . ومن فوقِ ذلك كله سحابٌ كثيف مظلم لو رفع الإنسان يدَه إلى وجهه لما رآها من شدة الظلام . إن قلوب الكافرين وأعمالَهم مثلُ هذه الظلمات المتراكمة تراكمت عليها الضلالات ، فهي مظلمة في صدور مظلمة ، في أجساد مظلمة .

ولقد جمع الله تعالى في هذا الوصف بينَ الليل المظلم ، وتراكُب الأمواج في البحر بعضها فوق بعض ، ومن فوقها السحاب الكثيف . . . . وهذا أشدُّ ما يكون من الظلمات .

وتجمع هذه الآية الكريمة أهم ظواهر عواصف المحيطات العظيمة ، وهذا من أكبرِ الأدلة على أن القرآن من عند الله ، لأن الرسول الكريم لم يركب المحيطاتِ وكان يعيش في بلاد صحراوية . . . . فورودُ هذه الدقائق العلمية دليل على أنها وحي من عند الله .

{ وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ الله لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِن نُورٍ } : ومن لم يوفقه الله لنورِ الإيمان ، فليس له نور يهديه إلى الخير ، ويدلّه على الصراط المستقيم .