غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{كَلَّا لَوۡ تَعۡلَمُونَ عِلۡمَ ٱلۡيَقِينِ} (5)

قوله { لو تعلمون علم اليقين } اتفقوا على أن جواب " لو " محذوف ؛ لأن قوله { ثم لتسألن } أمر واقع قطعاً ، فلو كان قوله { لترون } جواباً للشرط كانت الرؤية أمراً مشكوكاً فيه ، فيلزم المخالفة بين المعطوفات ، أو الشك فيما هو واقع قطعاً ، وكلاهما غير سديد ، ثم في تقدير الجواب وجوه : قال الأخفش : { لو تعلمون علم اليقين } ما ألهاكم التكاثر . وقال أبو مسلم : لو علمتم ما يجب عليكم وما خلقتم لأجله لاشتغلتم به . وقال أهل البيان : الأولى تقدير ما هو عام في كل شيء ، وهو لفعلتم ما لا يوصف ولا يكتنه كنهه ، ولكنكم ضلال جهلة . ومعنى { علم اليقين } علم يقين ، فأضيف الموصوف إلى الصفة ، نحو ولدار الآخرة . ويحتمل أن يكون اليقين هو الموت ، كقوله

{ واعبد ربك حتى يأتيك اليقين } [ الحجر :99 ] إن الشك حينئذ يزول والأحوال إلى اليقين تؤول ، والإنسان إذا علم ما يلقاه حين الموت وبعده لم يلهه التكاثر ، وإضافة العلم إلى بعض أنواعه جائزة ، كعلم الطب ، وعلم الحساب ، وفي الآية بعث للعلماء على أن يعملوا بعلمهم ، وإلا لم يكن بعد فوات إبان العمل سوى الحسرة والندامة . يروى أن ذا القرنين لما دخل الظلمات أمر من معه بأن يأخذوا من الخرز الذي كانت عنده ، فأخذ بعضهم وترك بعضهم ، فلما خرجوا من الظلمات وجدوا الخرز جواهر ، وكان للآخذين فرحاً وسروراً ، وللتاركين غماً وحسرة .

/خ8