غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَإِنَّ كُلّٗا لَّمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمۡ رَبُّكَ أَعۡمَٰلَهُمۡۚ إِنَّهُۥ بِمَا يَعۡمَلُونَ خَبِيرٞ} (111)

103

ثم جميع الأولين والآخرين في حكم توفية الجزاء ثواباً أ وعقاباً فقال :{ وإن كلاً } التنوين فيه عوض عن المضاف إليه أي وإن كلهم يعني أن جميع المختلفين فيه . ومن قرأ بالتخفيف فعلى إعمال المخففة إذ لا يلزم من التخفيف إبطال العمل كما في " لم يكن " " ولم يك " . ومن قرأ " لما " مخففاً فاللام هي الداخلة في خبر " إن " و " ما " مزيدة للفصل بين لام " إن " وبين لام جواب القسم المقدر كما فصلوا بالألف بين النونات في قولهم " أضربنان " . ويمكن أن يكون " ما " نكرة أي لخلق أو جمع . والله ليوفينهم ربك أعمالهم من حسن وقبيح وإيمان وجحود . ومن قرأ " لما " مشدداً فأصله " لمن ما " قلبت النون ميماً فاجتمع ثلاث ميمات ، فحذفت الأولى تخفيفاً ، وجاز حذف الأولى وإبقاء الساكنة لاتصال اللام بها . ويجوز أن يكون أصله " لما " بالتنوين - كما في قراءتي الزهري وسليمن بن أرقم - فحذف فبقى " لما " ممدوداً ومعناه ملومين أي مجموعين . وقرأ أبيّ { وإن كل لما ليوفينهم } على أن " إن " نافية و " لما " بمعن " إلا " كما في الطارق . ولا يخفى ما في الآية من مؤكدات توفية الجزاء وأن شيئاً من الحقوق لا يضيع عنده . منها لفظة " إن " ، ومنها لام خبر " إن " ، ومنها " كل " ، ومنها " ما " المزيدة ، ومنها القسم ، ومنها لا القسم ، ومنها نون التأكيد ، ومنها لفظ التوفية ، ومنها ربك فإن من يربيك يقدر على توفية حقك ، ومنها الجميع المضاف ، ومنها ختم الآية بقوله : { إنه بما يعملون خبير } فإنه إذا كان عالماً بكل المعلومات قادراً على كل المقدورات كان عالماً بعمل كل احد وبمقدار جزاء عمله ، وقادراً على إيصال ذلك إليه ، ثم إن كلامه حق وصدق وقد أخبر عن التوفية مع المؤكدات المذكورة فيقع وعده ووعيده لا محالة .

/خ123