السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَإِنَّ كُلّٗا لَّمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمۡ رَبُّكَ أَعۡمَٰلَهُمۡۚ إِنَّهُۥ بِمَا يَعۡمَلُونَ خَبِيرٞ} (111)

{ وإن كلا } ، أي : كل الخلائق ، وقوله تعالى { لما } ما زائدة واللام موطئة لقسم مقدّر تقديره والله { ليوفينهم ربك أعمالهم } فيجازي المصدّق على تصديقه الجنة ، ويجازى المكذب على تكذيبه النار . وقرأ نافع وابن كثير وشعبة بتخفيف وإن والباقون بالتشديد ، وقرأ ابن عامر وعاصم وحمزة بتشديد ميم لما والباقون بالتخفيف .

فائدة : قال بعض الفضلاء أنه تعالى لما أخبر عن توفية الأجزية على المستحقين في هذه الآية ذكر فيها سبعة أنواع من التأكيدات : أوّلها : كلمة إن وهي للتأكيد ، وثانيها : لفظة كل وهي أم الباب في التأكيد . وثالثها : اللام الداخلة على خبر إن تفيد التأكيد أيضاً . ورابعها : حرف ما إذا جعلناه على قول الفراء موصولاً . وخامسها : المضمر . وسادسها : اللام الثانية الداخلة على جواب القسم . وسابعها : النون المذكورة في قوله تعالى { ليوّفينّهم } فجميع هذه الألفاظ السبعة الدالة على التوكيد في هذه الكلمة الواحدة تدلّ على أنّ أمر الربوبية والعبودية لا يتم إلا بالبعث والقيامة وأمر الحشر والنشر ، ثم أردفه بقوله تعالى : { إنه بما يعملون خبير } وهو من أعظم المؤكدات فإنه تعالى لا يخفى عليه شيء من أعمال عباده ، ففيه وعد للمحسنين ووعيد للمكذبين الكافرين .