بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَإِنَّ كُلّٗا لَّمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمۡ رَبُّكَ أَعۡمَٰلَهُمۡۚ إِنَّهُۥ بِمَا يَعۡمَلُونَ خَبِيرٞ} (111)

قوله تعالى : { وَإِنَّ كُلاًّ } قرأ ابن كثير ، ونافع ، وعاصم ، في رواية أبي بكر : { وَإِن كُلا } بجزم النون ، وقرأ الباقون بالنصب والتشديد . فمن قرأ بالجزم ، معناه : وما كل إلا ليوفينهم ، كقوله : { وَإِن كُلٌّ لَّمَّا جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ } [ يس : 32 ] يعني : ما كلٌ . ومن قرأ بالتشديد ، يكون إنَّ لتأكيد الكلام . وقرأ حمزة ، وابن عامر وعاصم ، في رواية حفص : { لَّمّاً } بتشديد الميم ، وقرأ الباقون بالتخفيف ، فمن قرأ بالتخفيف ، يكون لصلة الكلام ، ومعناه : وإنَّ كلاً ليوفينهم ، فتكون ما صلة كقولهم : عما قليل ، يعني : عن قليل . ومن قرأ بالتشديد : يكون بمعنى إلاَّ ، يعني : وإنَّ كُلاً إلا ليوفينهم ، كقوله :

{ إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ } [ الطارق : 4 ] فمن قرأ بالتشديد كتلك الآية ، يكون معناه : إلا عليها حافظ . ومعنى الآية : إن كلا الفريقين { لَيُوَفّيَنَّهُمْ رَبُّكَ } ثواب { أعمالهم } بالخير خيراً ، وبالشر شراً . { إِنَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ } من الخير والشر .