غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{۞أَفَتَطۡمَعُونَ أَن يُؤۡمِنُواْ لَكُمۡ وَقَدۡ كَانَ فَرِيقٞ مِّنۡهُمۡ يَسۡمَعُونَ كَلَٰمَ ٱللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُۥ مِنۢ بَعۡدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمۡ يَعۡلَمُونَ} (75)

75

التفسير : لما ذكر الله سبحانه وتعالى قبائح أسلاف اليهود وسوء معاملتهم مع نبيهم ، أردفها قبائح أخلافهم المعاصرين لرسول الله صلى الله عليه وسلم فكأنه قيل : إذا كان هذا أفعالهم فيما بينهم ، فكيف تطمعون أيها النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنون في أن يؤمنوا أي يحدثوا الإيمان لأجل دعوتكم ويستجيبوا لكم ؟ كقوله { فآمن له لوط } { وقد كان فريق منهم } طائفة من أسلافهم { يسمعون كلام الله } وهو ما يتلونه من التوراة { ثم يحرفونه } كما حرفوا صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم وآية الرجم . وقيل : هم قوم من الذين حضروا الميقات ، سمعوا كلام الله حين كلم موسى بالطور وما أمر به ونهى عنه ثم قالوا : سمعنا الله يقول في آخره إن استطعتم أن تفعلوا هذه الأشياء فافعلوا وإن شئتم فلا تفعلوا فلا بأس

{ من بعد ما عقلوه } فهموه وضبطوه بعقولهم من غير ما شبهة { وهم يعلمون } أنهم مفترون كذابون . والمعنى إن كفر هؤلاء وحرفوا فلهم سابقة في ذلك كما تقول للرجل : كيف تطمع أن يفلح فلان وأستاذه فلان يأخذ عنه لا عن غيره ؟ فهؤلاء المقلدة لا يقبلون إلا قول معلميهم وأحبارهم الذين تعمدوا التحريف عناداً أو لضرب من الأغراض الدنيوية .