تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{۞أَفَتَطۡمَعُونَ أَن يُؤۡمِنُواْ لَكُمۡ وَقَدۡ كَانَ فَرِيقٞ مِّنۡهُمۡ يَسۡمَعُونَ كَلَٰمَ ٱللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُۥ مِنۢ بَعۡدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمۡ يَعۡلَمُونَ} (75)

الآية 75 وقوله تعالى : { أفتطمعون أن يؤمنوا لكم } قيل : الآية وإن خرجت على عموم الخطاب فالمراد منها الخصوص ، وهو الرسول صلى الله عليه وسلم وإلى هذا يذهب أكثر أهل التفسير . وقيل : إن المراد منها بعموم الخطاب العموم ، يعني النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، وكأنها خرجت على النهي عن طمع الإيمان منهم{[1011]} . كأنه قال : لا تطمعوا في إيمانهم كقوله : { أفأنت تنقذ من في النار } ؟ [ الزمر : 19 ] أي لا تنقذ ، وكقوله : { أفأنت تسمع الصم } ؟ [ الزخرف : 40 ] .

وقوله : { وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه } الآية{[1012]} . لقائل أن يقول : [ أيش ]{[1013]} في ما كان فريق منهم يسمعون كلام الله ، ثم يحرفونه ، ما يجب أن يدفع الطمع عن إيمان هؤلاء ؟ فهو ، والله أعلم ، لوجهين :

أحدهما : أنهم كانوا أصحاب تقليد ، كقوله : { إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون } [ الزخرف : 23 ] ، فأخبر عز وجل أن هؤلاء ، وإن رأوا الآيات العجيبة فإنهم لا يؤمنون أبدا ؛ لأنهم أصحاب تقليد لا ينظرون إلى الحجج والآيات .

والثاني : أنهم مع كثرة ما عاينوا من الآيات وشاهدوا من العجاب في عهد رسول الله [ موسى ]{[1014]} عليه السلام لم يطمع في إيمانهم ، فكيف طمعتم أنتم في إيمان هؤلاء ، وهم أتباعهم ؟ والله أعلم . ولهذا وجهان آخران :

أحدهما : كأنه قال : لا تطمع في إيمانهم [ لأنهم ]{[1015]} في علم الله على ما عليه من ذكر .

والثاني : لأن أولئك كانوا خيرا من هؤلاء وأرغب في الحق منهم ، ثم لم يؤمنوا مع سماع الحجج [ وما ]{[1016]} يجب به الإيمان ، فكيف تطمع في إيمان هؤلاء ؟

وقوله : { ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون } أنه من عند الله [ عز وجل وقوله : ]{[1017]} ( وهم يعلمون ) أنه رسول الله ، وأنه حق .


[1011]:- ساقطة من ط ع.
[1012]:- ساقطة من ط م و ط ع.
[1013]:- في ط ع: أي شيء، في ط م: أليس.
[1014]:- من ط م.
[1015]:- من ط م و ط ع.
[1016]:- من ط م، الواو، ساقطة من الأصل و ط ع.
[1017]:- من ط ع.