بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{۞أَفَتَطۡمَعُونَ أَن يُؤۡمِنُواْ لَكُمۡ وَقَدۡ كَانَ فَرِيقٞ مِّنۡهُمۡ يَسۡمَعُونَ كَلَٰمَ ٱللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُۥ مِنۢ بَعۡدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمۡ يَعۡلَمُونَ} (75)

ثم ذكر التعزية للنبي صلى الله عليه وسلم لكيلا يحزن على تكذيبهم إياه ، وأخبره أنهم من أهل السوء الذين مضوا فقال تعالى : { أَفَتَطْمَعُونَ أَن يُؤْمِنُواْ لَكُمْ } ، قال ابن عباس : يعني النبي صلى الله عليه وسلم خاصة . وقال بعضهم : أراد به النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، أفتطمعون أن يصدقوكم { وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كلام الله } ؟ فإن أراد به النبي صلى الله عليه وسلم خاصة ، فمعناه أفتطمع أن يصدقوك ؟ وقد يذكر لفظ الجماعة ويراد به الواحد ، كما قال في آية أخرى { فَمَا آمَنَ لموسى إِلاَّ ذُرِّيَّةٌ مِّن قَوْمِهِ على خَوْفٍ مِّن فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَن يَفْتِنَهُمْ وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي الأرض وَإِنَّهُ لَمِنَ المسرفين } [ يونس : 83 ] ، وقال تعالى : { إِنَّ قارون كَانَ مِن قَوْمِ موسى فبغى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الكنوز مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوأُ بالعصبة أُوْلِى القوة إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لاَ تَفْرَحْ إِنَّ الله لاَ يُحِبُّ الفرحين } [ القصص : 76 ] ، وقال تعالى : { فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ فاعلموا أَنَّمَا أُنزِلِ بِعِلْمِ الله وَأَن لاَّ إله إِلاَّ هُوَ فَهَلْ أَنتُمْ مُّسْلِمُونَ } [ هود : 14 ] ، أراد به النبي صلى الله عليه وسلم خاصة كذلك هاهنا .

ثم قال : { وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كلام الله } ، قال في رواية الكلبي : يعني السبعين الذين ساروا مع موسى عليه السلام إلى طور سيناء فسمعوا هناك كلام الله تعالى ، فلما رجعوا قال سفهاؤهم : إن الله أمر بكذا بخلاف ما أمرهم ، فذلك قوله تعالى : { وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كلام الله ثُمَّ يُحَرّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ } ، أي غيروه من بعد ما حفظوه وفهموه . وقال بعضهم : إنما أراد به الذين يغيرون التوراة . وقال بعضهم : يغيرون تأويله وهم يعلمون .