غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{أَفَمَن زُيِّنَ لَهُۥ سُوٓءُ عَمَلِهِۦ فَرَءَاهُ حَسَنٗاۖ فَإِنَّ ٱللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَآءُ وَيَهۡدِي مَن يَشَآءُۖ فَلَا تَذۡهَبۡ نَفۡسُكَ عَلَيۡهِمۡ حَسَرَٰتٍۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمُۢ بِمَا يَصۡنَعُونَ} (8)

1

والمعنى :{ أفمن زين له سوء عمله } من الفريقين كمن لم يزين له . ولا ريب أن المزين لهم عملهم هم أهل الأهواء والبدع الذين لا مستند لهم في مأخذهم سوى التقليد واتباع الهوى . ثم أنتج من ذلك قوله { فإن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء } وذلك أن الناس متساوية الأقدام في الإنسانية ومتفاوتة الأحوال في الأعمال ، فتبين أنه لا استقلال ، وأن أفعال العباد مستندة إلى إزادة مصرف القلوب والأحوال . ثم رتب على عدم الاستقلال قوله { فلا تذهب } أي فلا تهلك { نفسك } و{ عليهم } صلة تذهب كما تقول هلك عليه حباً أو هو بيان للمتحسر عليه ولا يتعلق ب { مجسرات } المفعول لأجله لأن المصدر لا يتقدم عليه صلته . وجوّز جار الله أن يكون حالاً كأن كل نفسه صارت حسرات لفرط التحسر . وعن الزجاج أن تقدير الآية : أفمن زين له سوء عمله ذهبت نفسك عليهم فحذف لدلالة المذكور وهو فلا تذهب عليه ، أو أفمن زين له سوء عمله كمن هداه الله ، فحذف لأن قوله { فإن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء } يدل عليه . ثم بين أن حزنه إن كان لما بهم من الضلال فالله عالم بهم وبما يصنعون لو أراد منهم الإيمان لآمنوا وإن كان لما بهم من الإيذاء فالله عليم بفعلهم فيجازيهم بذلك .

/خ1