ثم أراد أن يزيل شبهتهم بنوع آخر من البيان فقال { قل ما كنت بدعاً } هو بمعنى البديع كالخف بمعنى الخفيف أي لست بأوّل رسول أرسله الله ولا جئتكم بأمر بديع لم يكن إلى مثله سابق . وفيه إن اقتراح الآيات الغريبة فيه غير موجه لأنه لا يتبع إلا الوحي وما هو إلا نذير وليس إليه أن يأتي بكل ما يقترح عليه ، وفيه أنه غير عالم بالمغيبات إلا بطريق الوحي فلا وجه لاستدعاء الغيوب عنه سواء تتعلق بأحوال الدنيا أو بأحوال الآخرة من الأحكام والتكاليف وما يؤل أمر المكلفين إليه ، وفيه أنه لا وجه لتعييره بالفقر وبأكل الطعام والمشي في الأسواق والرسل كلهم أو جلهم كانوا كذلك . قال ابن عباس في رواية الكلبي : لما أشتدّ البلاء على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى في المنام أنه يهاجر إلى أرض ذات نخل وشجر فقصها على أصحابه فاستبشروا بذلك ، ثم إنهم مكثوا برهة من الدهر لا يرون أثر ذلك فقالوا : يا رسول الله ما رأينا الذي قلت ومتى تهاجر ؟ فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنزل الله الآية . وعنه في رواية أخرى أنه لما نزلت هذه الآية فرح المشركون والمنافقون واليهود وقالوا : كيف نتبع نبياً لا يدري ما يفعل به ولا بأمته ، فأنزل الله تعالى { إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً } إلى قوله { فوزاً عظيماً } [ الفتح : 1 ] فبين الله تعالى ما يفعل به وبأمته ونسخت هذه الآية . والأصح عند العلماء أنه لا حاجة إلى التزام النسخ ، فإن الدراية المفصلة غير حاصلة ، وعلى تقدير حصولها فإنه لم ينف إلا الدراية من قبل نفسه ، وما نفي الدراية من جهة الوحي . وقوله { ولا بكم } في حيز النفي ولا أدري ما يفعل بكم . و " ما " موصولة أو استفهامية ، ومحل الأولى نصب ، والثانية رفع .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.