مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{صِرَٰطَ ٱلَّذِينَ أَنۡعَمۡتَ عَلَيۡهِمۡ غَيۡرِ ٱلۡمَغۡضُوبِ عَلَيۡهِمۡ وَلَا ٱلضَّآلِّينَ} (7)

{ صِرَاطَ الذين أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ } بدل من الصراط وهو في حكم تكرير العامل ، وفائدته التأكيد والإشعار بأن الصراط المستقيم تفسيره صراط المسلمين ليكون ذلك شهادة لصراط المسلمين بالاستقامة على أبلغ وجه وآكده وهم المؤمنون و الأنبياء عليهم السلام أو قوم موسى صلى الله عليه وسلم قبل أن يغيروا { غَيْرِ المغضوب عَلَيْهِمْ وَلاَ الضالين } بدل من الذين أنعمت عليهم ، يعني أن المنعم عليهم هم الذين سلموا من غضب الله والضلال أو صفة للذين ، يعني أنهم جمعوا بين النعمة المطلقة وهي نعمة الإيمان وبين السلامة من غضب الله والضلال . وإنما ساغ وقوعه صفة للذين وهو معرفة و «غير » لا يتعرف بالإضافة لأنه إذا وقع بين متضادين وكانا معرفتين تعرف بالإضافة نحو »عجبت من الحركة غير السكون« . والمنعم عليهم والمغضوب عليهم متضادان ، ولأن الذين قريب من النكرة لأنه لم يرد به قوم بأعيانهم »وغير المغضوب عليهم« قريب من المعرفة للتخصيص الحاصل له بإضافته ، فكل واحد منهما فيه إبهام من وجه واختصاص من وجه فاستويا . و«عليهم » الأولى محلها النصب على المفعولية ، ومحل الثانية الرفع على الفاعلية . وغضب الله إرادة الانتقام من المكذبين وإنزال العقوبة بهم وأن يفعل بهم ما يفعله الملك إذا غضب على ما تحت يده . وقيل : المغضوب عليهم هم اليهود لقوله تعالى : { مَن لَّعَنَهُ الله وَغَضِبَ عَلَيْهِ } [ المائدة : 60 ] والضالون هم النصارى لقوله تعالى { قَدْ ضَلُّواْ مِن قَبْلُ } [ المائدة : 77 ] ، و«لا » زائدة عند البصريين للتوكيد ، وعند الكوفيين هي بمعنى غير . آمين صوت سمي به الفعل الذي هو استجب كما أن رويد اسم لأمهل . وعن ابن عباس رضي الله عنهما سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن معنى آمين فقال : «افعل » وهو مبني وفيه لغتان : مد ألفه وقصرها وهو الأصل والمد بإشباع الهمزة قال :

يا رب لا تسلبّني حبها أبدا*** ويرحم الله عبداً قال آمينا

وقال : آمين فزاد الله ما بيننا بعداً . قال عليه السلام : " لقنني جبريل آمين عند فراغي من قراءة فاتحة الكتاب " وقال : إنه كالختم على الكتاب . وليس من القرآن بدليل أنه لم يثبت في المصاحف .