فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَمَثَلُ ٱلَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمۡوَٰلَهُمُ ٱبۡتِغَآءَ مَرۡضَاتِ ٱللَّهِ وَتَثۡبِيتٗا مِّنۡ أَنفُسِهِمۡ كَمَثَلِ جَنَّةِۭ بِرَبۡوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٞ فَـَٔاتَتۡ أُكُلَهَا ضِعۡفَيۡنِ فَإِن لَّمۡ يُصِبۡهَا وَابِلٞ فَطَلّٞۗ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرٌ} (265)

قوله : { وَمَثَلُ الذين يُنفِقُونَ أموالهم ابتغاء مَرْضَاتِ الله وَتَثْبِيتًا منْ أَنفُسِهِمْ } قيل : إن قوله : { ابتغاء مرضات الله } مفعول له ، و { تثبيتاً } معطوف عليه ، وهو أيضاً مفعول له . أي : الإنفاق لأجل الابتغاء . والتثبيت كذا قال مكي في المشكل . قال ابن عطية : وهو مردود لا يصح في { تثبيتاً } أنه مفعول من أجله ؛ لأن الإنفاق ليس من أجل التثبيت . قال : { وابتغاء } نصب على المصدر في موضع الحال ، وكان يتوجه فيه النصب على المفعول من أجله ، لكن النصب على المصدر هو الصواب من جهة عطف المصدر الذي هو تثبيتاً عليه ، وابتغاء معناه طلب ، ومرضات مصدر رضي يرضى ، وتثبيتاً معناه : أنهم يتثبتون من أنفسهم ببذل أموالهم على الإيمان ، وسائر العبادات رياضة لها ، وتدريباً ، وتمريناً ، أو يكون التثبيت بمعنى التصديق أي : تصديقاً للإسلام ناشئاً من جهة أنفسهم . وقد اختلف السلف في معنى هذا الحرف ، فقال الحسن ، ومجاهد : معناه أنهم يتثبتون أن يضعوا صدقاتهم ، وقيل : معناه : تصديقاً ، ويقيناً ، روى ذلك عن ابن عباس ، وقيل : معناه : احتساباً من أنفسهم ، قاله قتادة ، وقيل : معناه : أن أنفسهم لها بصائر ، فهي تثبتهم على الإنفاق في طاعة الله تثبيتاً . قاله الشعبي ، والسديّ ، وابن زيد ، وأبو صالح ، وهذا أرجح مما قبله . يقال ثَبَّت فلاناً في هذا الأمر أثَبِّتُه تثبيتاً : أي : صححتُ عزمه

/خ265