الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{إِذۡ قَالَ ٱللَّهُ يَٰعِيسَىٰٓ إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَجَاعِلُ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوكَ فَوۡقَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ إِلَىٰ يَوۡمِ ٱلۡقِيَٰمَةِۖ ثُمَّ إِلَيَّ مَرۡجِعُكُمۡ فَأَحۡكُمُ بَيۡنَكُمۡ فِيمَا كُنتُمۡ فِيهِ تَخۡتَلِفُونَ} (55)

أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس في قوله { إني متوفيك } يقول : إني مميتك .

وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن أبي حاتم عن الحسن قال : { متوفيك } من الأرض .

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من وجه آخر عن الحسن في قوله { إني متوفيك } يعني وفاة المنام رفعه الله في منامه ، قال الحسن : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لليهود : " إن عيسى لم يمت وإنه راجع إليكم قبل يوم القيامة " .

وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة { إني متوفيك ورافعك إلي } قال : هذا من المقدم والمؤخر . أي رافعك إلي ومتوفيك .

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن مطر الوراق في الآية قال { متوفيك } من الدنيا وليس بوفاة موت .

وأخرج ابن جرير بسند صحيح عن كعب قال : لما رأى عيسى قلة من اتبعه وكثرة من كذبه ، شكا ذلك إلى الله . فأوحى الله إليه { إني متوفيك ورافعك إلي } وإني سأبعثك على الأعور الدجال فتقتله ، ثم تعيش بعد ذلك أربعا وعشرين سنة ، ثم أميتك ميتة الحي . قال كعب : وذلك تصديق حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال : " كيف تهلك أمة أنا في أولها وعيسى في آخرها ؟ " .

وأخرج إسحق بن بشر وابن عساكر عن الحسن قال : لم يكن نبي كانت العجائب في زمانه أكثر من عيسى إلى أن رفعه الله ، وكان من سبب رفعه أن ملكا جبارا يقال له داود بن نوذا ، وكان ملك بني إسرائيل هو الذي بعث في طلبه ليقتله ، وكان الله أنزل عليه الإنجيل وهو ابن ثلاث عشرة سنة ، ورفع وهو ابن أربع وثلاثين سنة من ميلاده . فأوحى الله إليه { إني متوفيك ورافعك إلي ومطهرك من الذين كفروا } يعني ومخلصك من اليهود فلا يصلون إلى قتلك .

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من وجه آخر عن الحسن في الآية قال : رفعه الله إليه فهو عنده في السماء .

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن وهب قال : توفى الله عيسى ابن مريم ثلاث ساعات من النهار حتى رفعه إليه .

وأخرج ابن عساكر عن وهب قال : أماته الله ثلاثة أيام ثم بعثه ورفعه .

وأخرج الحاكم عن وهب أن الله توفى عيسى سبع ساعات ثم أحياه ، وأن مريم حملت به ولها ثلاث عشرة سنة ، وأنه رفع ابن ثلاث وثلاثين ، وأن أمه بقيت بعد رفعه ست سنين .

وأخرج إسحق بن بشر وابن عساكر من طريق جوهر عن الضحاك عن ابن عباس في قوله { إني متوفيك ورافعك } يعني رافعك ثم متوفيك في آخر الزمان .

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن جرير في الآية قال : رفعه إياه توفيته .

وأخرج الحاكم عن الحريث بن مخشبي أن عليا قتل صبيحة إحدى وعشرين من رمضان ، فسمعت الحسن بن علي وهو يقول : قتل ليلة أنزل القرآن ، وليلة أسري بعيسى ، وليلة قبض موسى .

وأخرج ابن سعد وأحمد في الزهد والحاكم عن سعيد بن المسيب قال : رفع عيسى ابن ثلاث وثلاثين سنة ، ومات لها معاذ .

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الحسن في قوله { ومطهرك من الذين كفروا } قال : طهره من اليهود ، والنصارى ، والمجوس ، ومن كفار قومه .

وأخرج ابن جرير عن محمد بن جعفر بن الزبير { ومطهرك من الذين كفروا } قال : إذ هموا منك بما هموا .

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله { وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة } قال : أهل الإسلام الذين اتبعوه على فطرته وملته وسنته ، فلا يزالون ظاهرين على من ناوأهم إلى يوم القيامة .

وأخرج ابن جرير عن ابن جريج في الآية قال : ناصر من اتبعك على الإسلام على الذين كفروا إلى يوم القيامة .

وأخرج ابن أبي حاتم وابن عساكر عن النعمان بن بشير " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين لا يبالون من خالفهم حتى يأتي أمر الله . قال النعمان : فمن قال إني أقول على رسول الله ما لم يقل فإن تصديق ذلك في كتاب الله تعالى . قال الله تعالى

{ وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة . . . } الآية " .

وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن { وجاعل الذين اتبعوك } قال : هم المسلمون ونحن منهم ، ونحن فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة .

وأخرج ابن عساكر عن معاوية بن أبي سفيان قال " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إنها لن تبرح عصابة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين على الناس حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك . ثم قرأ بهذه الآية { يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي ومطهرك من الذين كفروا وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة } " .

وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في الآية قال : النصارى فوق اليهود إلى يوم القيامة ، فليس بلد فيه أحد من النصارى إلا وهم فوق يهود في شرق ولا غرب هم في البلد كلها مستذلون .

وأخرج ابن المنذر عن الحسن في الآية قال : عيسى مرفوع عند الله ثم ينزل قبل يوم القيامة ، فمن صدق عيسى ومحمدا صلى الله عليه وسلم وكان على دينهما لم يزالوا ظاهرين على من فارقهم إلى يوم القيامة .