مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{ثُمَّ لَأٓتِيَنَّهُم مِّنۢ بَيۡنِ أَيۡدِيهِمۡ وَمِنۡ خَلۡفِهِمۡ وَعَنۡ أَيۡمَٰنِهِمۡ وَعَن شَمَآئِلِهِمۡۖ وَلَا تَجِدُ أَكۡثَرَهُمۡ شَٰكِرِينَ} (17)

{ ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ } أشككهم في الآخرة { وَمِنْ خَلْفِهِمْ } أرغبهم في الدنيا { وَعَنْ أيمانهم } من قبل الحسنات { وَعَن شَمَائِلِهِمْ } من قبل السيئات وهو جمع شمال يعني ثم لآتينهم من الجهات الأربع التي يأتي منها العدو في الأغلب . وعن شقيق : ما من صباح إلا قعد لي الشيطان على أربعة مراصد : من بين يدي فيقول لا تخف فإن الله غفور رحيم فاقرأ { وَإِنّى لَغَفَّارٌ لّمَن تَابَ وَامَنَ وَعَمِلَ صالحا } [ طه : 82 ] . ومن خلفي فيخوفني الضيعة على مخلفي فاقرأ { وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الأرض إِلاَّ عَلَى الله رِزْقُهَا } [ هود : 6 ] وعن يميني فيأتيني من قبل الثناء فاقرأ { والعاقبة لِلْمُتَّقِينَ } [ القصص : 83 ] وعن شمالي فيأتيني من قبل الشهوات فاقرأ { وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ } [ سبأ : 54 ] ولم يقل من فوقهم ومن تحتهم لمكان الرحمة والسجدة ، وقال في الأولين «من » لابتداء الغاية وفي الأخيرين «عن » لأن «عن » تدل على الانحراف { وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شاكرين } مؤمنين قاله ظناً فأصاب لقوله { وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ } [ سبأ : 20 ] أو سمعه من الملائكة بإخبار الله تعالى إياهم .