الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{ثُمَّ لَأٓتِيَنَّهُم مِّنۢ بَيۡنِ أَيۡدِيهِمۡ وَمِنۡ خَلۡفِهِمۡ وَعَنۡ أَيۡمَٰنِهِمۡ وَعَن شَمَآئِلِهِمۡۖ وَلَا تَجِدُ أَكۡثَرَهُمۡ شَٰكِرِينَ} (17)

قوله : { ثم لآتينهم من بين أيديهم }[ 17 ] ، الآية .

المعنى : { من بين أيديهم } ، من قبل الآخرة فأخبرهم أنه لا بعث ، ولا جنة ، ولا نار{[23161]} .

{ ومن خلفهم } : من قبل الدنيا ، فأزينها{[23162]} في أعينهم وأخبرهم أنه لا حساب عليهم فيما يعملون{[23163]} .

{ وعن أيمانهم } : من قبل الحق{[23164]} .

{ وعن شمائلهم } : من قبل الباطل{[23165]} .

قال ابن عباس : { من بين أيديهم } ، أشككهم في الآخرة ، { ومن خلفهم } : أرغبهم في الدنيا ، { وعن أيمانهم } : أشبه عليهم في أمر دينهم ، { وعن شمائلهم } : أشهي لهم المعاصي{[23166]} .

وقال السدي وغيره : { من بين أيديهم } ، أدعوهم إلى الدنيا وأرغبهم{[23167]} فيها ، { ومن خلفهم } : أشككهم في الآخرة ، { وعن أيمانهم } : أشككهم في الحق ، { وعن شمائلهم } : أخفف{[23168]} البال عندهم{[23169]} .

وقيل{[23170]} : { من بين أيديهم } من قبل دنياهم ، { ومن خلفهم } : من قبل آخرتهم ، { وعن أيمانهم } : من قبل حسناتهم ، { وعن شمائلهم } : من قبل سيئاتهم ، قاله : ابن{[23171]} جريج ، وغيره .

وقال{[23172]} مجاهد المعنى : { ثم لآتينهم من بين أيديهم } ، { وعن أيمانهم }{[23173]} من حيث يبصرون ، { ومن خلفهم } ، { وعن شمائلهم }{[23174]} من حيث لا يبصرون{[23175]} .

وقيل : { ومن خلفهم } ، يخوفهم في تركاتهم ، ومن يخلفون بعدهم{[23176]} .

وقيل : { لآتينهم } ، من كل جهة يعملون فيها{[23177]} .

{ ولا تجد أكثرهم شاكرين }[ 17 ] .

كان ذلك ظنا منه ، فكان الأمر على ما ظن ، وهو قوله : { ولقد صدق عليهم{[23178]} إبليس ظنه }{[23179]} .

وقيل المعنى : { من بين أيديهم } ، من قبل الدين فألبسه{[23180]} عليهم ، { ومن خلفهم } : من قبل الشهوات ، فأحببها إليهم في الدنيا ، { وعن أيمانهم } ، من قبل الحق ، فأرده باطلا ، { وعن شمائلهم } ، من قبل الباطل ، فأرده في أعينهم حقا{[23181]} .


[23161]:تفسير هود بن محكم الهواري 2/9.
[23162]:في الأصل: فزينها، وأثبت ما في تفسير هود بن محكم الهواري 2/9.
[23163]:انظر: تفسير هود بن محكم الهواري 2/9.
[23164]:جامع البيان 12/338.
[23165]:المصدر نفسه.
[23166]:صحيفة علي بن أبي طلحة عن ابن عباس 223، وجامع البيان 12/338، وتفسير البغوي 3/218، وتفسير الخازن 2/76، وتفسير ابن كثير 2/204.
[23167]:في الأصل: وأرخبهم، وهو تحريف بين.
[23168]:في الأصل: أخفو الباطل عندوهم، وهو تحريف كثير.
[23169]:جامع البيان 12/340، وتفسير السمرقندي 1/533، وتفسير الماوردي 2/207.
[23170]:في ج: وقيل المعنى.
[23171]:الأثر للحكم بن عتيبة، مصغرا، وهو مثل قول ابن جريج، إلا أنه فيه: {وعن شمائلهم}، مساوئ أعمالهم، أحسنها إليهم. تفسير ابن جريح 130، وجامع البيان 12/339، 340. وأورده السيوطي في الدر المنثور 3/427، وعزاه إلى ابن عباس. انظر: صحيفة علي بن أبي طلحة عن ابن عباس 223.
[23172]:في ج: قال.
[23173]:{وعن أيمانهم}، ليست في تفسير مجاهد المطبوع 334.
[23174]:{وعن شمائلهم}، ليست في تفسير مجاهد المطبوع 334.
[23175]:جامع البيان 12/340، 341، وتفسير ابن أبي حاتم 5/1444-1446، وتفسير الماوردي 2/207، وحرفت فيه: "من حيث يبصرون" إلى: "من حيث ينظرون"، وتفسير البغوي 3/218، وزاد المسير 3/177، وتفسير العز بن عبد السلام 1/478 بدون نسبة، وتفسير الخازن 2/77، وتفسير ابن كثير 2/204. وخطأ محقق تفسير مجاهد ص: 334، متن هذا الأثر، ولا حجة له.
[23176]:لم أقف عليه بهذا اللفظ.
[23177]:انظر: جامع البيان 12/341، ففيه ترجيح لهذا القول، ومعاني القرآن للزجاج 2/324، وتفسير الماوردي 2/207، وفيه: "...، ولم يذكر من فوقهم لأن رحمة الله تصده، ولا من تحت أرجلهم لما فيه من التنفير.."، وزاد المسير 3/177.
[23178]:سبأ: آية20، وتمامها: {فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين}.
[23179]:تفسير هود بن محكم الهواري 2/9، 10.
[23180]:في ج: "فألبس" ولَبَسَ عليه الأمر يلبسه: خلطه...والتلبيس: التخليط والتدليس. القاموس لبس.
[23181]:لم أقف عليه بهذا اللفظ فيما تيسر لي من مصادر. وانظر بمعناه في جامع البيان12/340.