محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ ٱتَّقِ ٱللَّهَ وَلَا تُطِعِ ٱلۡكَٰفِرِينَ وَٱلۡمُنَٰفِقِينَۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمٗا} (1)

مقدمة السورة:

بسم الله الرحمن الرحيم

33 – سورة الأحزاب :

سميت بها ، لأن قصتها معجزة لرسول الله صلى الله عليه وسلم . متضمنة لنصره بالريح والملائكة . بحيث كفى الله المؤمنين القتال . وقد ميز بهم بين المؤمنين والمنافقين . وهذا من أعظم مقاصد القرآن . أفاده المهايمي .

وهي مدنية . وآياتها ثلاث وسبعون آية . وروى الإمام أحمد عن أبي بن كعب قال : ( لقد رأيتها وإنها تعادل سورة البقرة . ولقد قرأنا فيها ( الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالا من الله والله عزيز حكيم ) ) .

قال ابن كثير : وهو يقتضي أنه قد كان فيها قرآن ثم نسخ لفظه وحكمه أيضا . والله أعلم . انتهى .

قلت : كان يصح هذا الاقتضاء ، لو كان هذا الأثر صحيحا . أما ولم يخرجه أرباب الصحاح ، فهو من الضعف بمكان .

بسم الله الرحمن الرحيم

{ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا } .

{ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ } نودي صلوات الله عليه بوصفه دون اسمه ، تعظيما له . وباب المخاطبة يعدل فيها عن النداء بالاسم تكريما للمخاطب . ولا كذلك باب الأخبار فقد يصرح فيها بالاسم ، والتعظيم باق كآية {[6123]} : { محمد رسول الله } لتعليم الناس بأنه رسول الله وتلقينهم أن يسموه بذلك ويدعوه به . وأمره عليه السلام بالتقوى تفخيما وتعظيما للتقوى نفسها ، حيث أمر بها مثله . فإن مراتبها لا تنتهي . مع أن المقصود الدوام والثبات عليها . ولم يجعل الأمر لأمته كما في نظائره ، لأن سياق ما بعده لأمر يخصه . كقصد زيد رضي الله عنه { وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ } أي لا توافقهم على أمر . ولا تقبل لهم رأيا ولا مشورة ، وجانبهم واحترس منهم . فإنهم أعداء الله وأعداء المؤمنين . لا يريدون إلا المضارة والمضادة { إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا } أي فهو أحق بأن تتبع أوامره ويطاع ، لأنه العليم بعواقب الأمور وبالمصالح من المفاسد . والحكيم الذي لا يفعل شيئا ، ولا يأمر به ، إلا بداعي الحكمة .


[6123]:(48 / الفتح / 29).