الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَأَنذِرۡهُمۡ يَوۡمَ ٱلۡأٓزِفَةِ إِذِ ٱلۡقُلُوبُ لَدَى ٱلۡحَنَاجِرِ كَٰظِمِينَۚ مَا لِلظَّـٰلِمِينَ مِنۡ حَمِيمٖ وَلَا شَفِيعٖ يُطَاعُ} (18)

قوله تعالى : " وأنذرهم يوم الآزفة " أي يوم القيامة . سميت بذلك لأنها قريبة ؛ إذ كل ما هو آت قريب . وأزف فلان أي قرب يأزف أزفا ، قال النابغة :

أزِفَ التَّرَحُّل غيرَ أن رِكَابَنَا *** لمَّا تَزَلْ برِحَالِنَا وكأنْ قَدِ

أي قرب . ونظير هذه الآية : " أزفت الآزفة " {[13365]} [ النجم : 57 ] أي قربت الساعة . وكان بعضهم يتمثل ويقول :

أزِفَ الرَّحيلُ وليس لي من زادِ *** غير الذنوب لِشِقْوَتِي ونَكَادِي

" إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين " على الحال وهو محمول على المعنى . قال الزجاج : المعنى إذ قلوب الناس " لدى الحناجر " في حال كظمهم . وأجاز الفراء أن يكون التقدير " وأنذرهم " كاظمين . وأجاز رفع " كاظمين " على أنه خبر للقلوب . وقال : المعنى إذ هم كاظمون . وقال الكسائي : يجوز رفع " كاظمين " على الابتداء . وقد قيل : إن المراد ب " يوم الآزفة " يوم حضور المنية . قاله قطرب . وكذا " إذ القلوب لدى الحناجر " عند حضور المنية . والأول أظهر . وقال قتادة : وقعت في الحناجر المخافة فهي لا تخرج ولا تعود في أمكنتها ، وهذا لا يكون إلا يوم القيامة كما قال : " وأفئدتهم هواء " . وقيل : هذا إخبار عن نهاية الجزع ، كما قال : " وبلغت القلوب الحناجر " وأضيف اليوم إلى " الآزفة " على تقدير يوم القيامة " الآزفة " أو يوم المجادلة " الآزفة " . وعند الكوفيين هو من باب إضافة الشيء إلى نفسه مثل مسجد الجامع وصلاة الأولى . " ما للظالمين من حميم " أي من قريب ينفع " ولا شفيع يطاع " فيشفع فيهم .


[13365]:آية 57 من سورة النجم.
 
التفسير الميسر لمجموعة من العلماء - التفسير الميسر [إخفاء]  
{وَأَنذِرۡهُمۡ يَوۡمَ ٱلۡأٓزِفَةِ إِذِ ٱلۡقُلُوبُ لَدَى ٱلۡحَنَاجِرِ كَٰظِمِينَۚ مَا لِلظَّـٰلِمِينَ مِنۡ حَمِيمٖ وَلَا شَفِيعٖ يُطَاعُ} (18)

{ وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الآزِفَةِ إِذْ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطَاعُ ( 18 ) }

وحذِّر -يا محمد- الناس من يوم القيامة القريب ، وإن استبعدوه ، إذ قلوب العباد مِن مخافة عقاب الله قد ارتفعت من صدورهم ، فتعلقت بحلوقهم ، وهم ممتلئون غمًّا وحزنًا . ما للظالمين من قريب ولا صاحب ، ولا شفيع يشفع لهم عند ربهم ، فيستجاب له .