الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{وَإِذۡ قُلۡنَا لِلۡمَلَـٰٓئِكَةِ ٱسۡجُدُواْ لِأٓدَمَ فَسَجَدُوٓاْ إِلَّآ إِبۡلِيسَ أَبَىٰ وَٱسۡتَكۡبَرَ وَكَانَ مِنَ ٱلۡكَٰفِرِينَ} (34)

فيه عشر مسائل :

الأولى : قوله تعالى : " وإذ قلنا " أي واذكر . وأما قول أبي عبيدة : إن " إذ " زائدة فليس بجائز ؛ لأن إذ ظرف . وقد تقدم{[492]} وقال : " قلنا " ولم يقل قلت لأن الجبار العظيم يخبر عن نفسه بفعل الجماعة تفخيما وإشادة بذكره . والملائكة جمع ملك ، وقد تقدم{[493]} وتقدم القول أيضا في آدم واشتقاقه{[494]} فلا معنى لإعادته ؛ وروي عن ابن جعفر بن القعقاع أنه ضم تاء التأنيث من الملائكة إتباعا لضم الجيم في " اسجدوا " . ونظيره " الحمد لله " .

الثانية : قوله تعالى : " اسجدوا " السجود معناه في كلام العرب التذلل والخضوع ، قال الشاعر :

بجمعٍ تَضِلُّ البلقُ في حَجراته *** ترى الأُكم فيها سجّدا للحوافر

الأكم : الجبال الصغار . جعلها سجدا للحوافر لقهر الحوافر إياها وأنها لا تمتنع عليها . وعين ساجدة ، أي فاترة عن النظر ، وغايته وضع الوجه بالأرض . قال ابن فارس : سجد إذا تطامن ، وكل ما سجد فقد ذل . والإسجاد : إدامة النظر . قال أبو عمرو : وأسجد إذا طأطأ رأسه ، قال{[495]} :

فُضُول أزمتها أسجدت *** سجود النصارى لأحبارها

قال أبو عبيدة : وأنشدني أعرابي من بني أسد :

وقلن له أسْجِد لليلى فأسجدا

يعني البعير إذا طأطأ رأسه . ودراهم الإسجاد : دراهم كانت عليها صور كانوا يسجدون لها ، قال :

وافى بها كدراهم الإسجاد

الثالثة : استدل من فضل آدم وبنيه بقوله تعالى للملائكة : " اسجدوا لآدم " . قالوا : وذلك يدل على أنه كان أفضل منهم . والجواب أن معنى " اسجدوا لآدم " اسجدوا لي مستقبلين وجه آدم . وهو كقوله تعالى : " أقم الصلاة لدلوك الشمس " [ الإسراء : 78 ] أي عند دلوك الشمس وكقوله : " ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين " [ ص : 72 ] أي فقعوا لي عند إتمام خلقه ومواجهتكم إياه ساجدين . وقد بينا أن المسجود له لا يكون أفضل من الساجد بدليل القبلة . فإن قيل : فإذا لم يكن أفضل منهم فما الحكمة في الأمر بالسجود له ؟ قيل له : إن الملائكة لما استعظموا بتسبيحهم وتقديسهم أمرهم بالسجود لغيره ليريهم استغناءه عنهم وعن عبادتهم . وقال بعضهم : عيروا آدم واستصغروه ولم يعرفوا خصائص الصنع به فأمروا بالسجود له تكريما . ويحتمل أن يكون الله تعالى أمرهم بالسجود له معاقبة لهم على قولهم : " أتجعل فيها من يفسد فيها " لما قال لهم : " إني جاعل في الأرض خليفة " [ البقرة : 30 ] وكان علم منهم أنه إن خاطبهم أنهم قائلون هذا ، فقال لهم : " إني خالق بشرا من طين " [ ص : 71 ] وجاعله خليفة ، فإذا نفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين . والمعنى : ليكون ذلك عقوبة لكم في ذلك الوقت على ما أنتم قائلون لي الآن . فإن قيل : فقد استدل ابن عباس على فضل البشر بأن الله تعالى أقسم بحياة رسوله صلى الله عليه وسلم فقال : " لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون{[496]} " [ الحجر : 72 ] . وأمنه من العذاب بقوله : " ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر{[497]} " [ الفتح : 2 ] . وقال للملائكة : " و من يقل منهم إني إله من دونه فذلك نجزيه جهنم{[498]} " [ الأنبياء : 29 ] . قيل له : إنما لم يقسم بحياة الملائكة كما لم يقسم بحياة نفسه سبحانه ، فلم يقل : لعمري . وأقسم بالسماء والأرض ، ولم يدل على أنهما أرفع قدرا من العرش والجنان السبع . وأقسم بالتين والزيتون . وأما قول سبحانه : " ومن يقل منهم إني إله من دونه " [ الأنبياء : 29 ] فهو نظير قوله لنبيه عليه السلام : " لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين " [ الزمر : 65 ] فليس فيه إذا دلالة ، والله أعلم .

الرابعة : واختلف الناس في كيفية سجود الملائكة لآدم بعد اتفاقهم على أنه لم يكن سجود عبادة ، فقال الجمهور : كان هذا أمرا للملائكة بوضع الجباه على الأرض ، كالسجود المعتاد في الصلاة ، لأنه الظاهر من السجود في العرف والشرع ، وعلى هذا قيل : كان ذلك السجود تكريما لآدم وإظهارا لفضله ، وطاعة لله تعالى ، وكان آدم كالقبلة لنا . ومعنى " لآدم " : إلى آدم ، كما يقال صلى للقبلة ، أي إلى القبلة . وقال قوم : لم يكن هذا السجود المعتاد اليوم الذي هو وضع الجبهة على الأرض ولكنه مبقى على أصل اللغة ، فهو من التذلل والانقياد ، أي اخضعوا لآدم وأقروا له بالفضل . " فسجدوا " أي امتثلوا ما أمروا به .

واختلف أيضا هل كان ذلك السجود خاصا بآدم عليه السلام فلا يجوز السجود لغيره من جميع العالم إلا لله تعالى ، أم كان جائزا بعده إلى زمان يعقوب عليه السلام ، لقوله تعالى : " ورفع أبويه على العرش وخروا له سجدا{[499]} " [ يوسف : 100 ] فكان آخر ما أبيح من السجود للمخلوقين ؟ والذي عليه الأكثر أنه كان مباحا إلى عصر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأن أصحابه قالوا له حين سجدت له الشجرة والجمل : نحن أولى بالسجود لك من الشجرة والجمل الشارد ، فقال لهم : ( لا ينبغي أن يسجد لأحد إلا لله رب العالمين ) . روى ابن ماجه في سننه والبستي في صحيحه عن أبي واقد قال : لما قدم معاذ بن جبل من الشام سجد لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ما هذا ) فقال : يا رسول الله ، قدمت الشام فرأيتهم يسجدون لبطارقتهم وأساقفتهم ، فأردت أن أفعل ذلك بك ، قال : ( فلا تفعل فإني لو أمرت شيئا أن يسجد لشيء لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها ، لا تؤدي المرأة حق ربها حتى تؤدي حق زوجها ، حتى لو سألها نفسها وهي على قتب لم تمنعه ) . لفظ البستي . ومعنى القتب أن العرب يعز عندهم وجود كرسي للولادة فيحملون نساءهم على القتب{[500]} عند الولادة . وفي بعض طرق معاذ : ونهى عن السجود للبشر وأمر بالمصافحة .

قلت : وهذا السجود المنهي عنه قد اتخذه جهال المتصوفة عادة في سماعهم وعند دخولهم على مشايخهم واستغفارهم ، فيرى الواحد منهم إذا أخذه الحال بزعمه يسجد للأقدام{[501]} لجهله سواء أكان للقبلة أم غيرها جهالة منه ، ضل سعيهم وخاب عملهم .

الخامسة : قوله : " إلا إبليس " نصب على الاستثناء المتصل ؛ لأنه كان من الملائكة على قول الجمهور : ابن عباس وابن مسعود وابن جريج وابن المسيب وقتادة وغيرهم ، وهو اختيار الشيخ أبي الحسن ، ورجحه الطبري ، وهو ظاهر الآية . قال ابن عباس : وكان اسمه عزازيل ، وكان من أشراف الملائكة وكان من الأجنحة الأربعة ثم أبلس بعد . روى سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس قال : كان إبليس من الملائكة فلما عصى الله غضب عليه فلعنه فصار شيطانا . وحكى الماوردي عن قتادة : أنه كان من أفضل صنف من الملائكة يقال لهم الجنة . وقال سعيد بن جبير : إن الجن سبط من الملائكة خلقوا من نار وإبليس منهم ، وخلق سائر{[502]} الملائكة من نور . وقال ابن زيد والحسن وقتادة أيضا : إبليس أبو الجن كما أن آدم أبو البشر ولم يكن ملكا ، وروى نحوه عن ابن عباس وقال : اسمه الحارث . وقال شهر بن حوشب وبعض الأصوليين : كان من الجن الذين كانوا في الأرض وقاتلتهم الملائكة فسبوه صغيرا وتعبد مع الملائكة وخوطب ، وحكاه الطبري عن ابن مسعود . والاستثناء على هذا منقطع ، مثل قوله تعالى : " ما لهم به من علم إلا اتباع الظن " [ النساء : 175 ] وقوله : " إلا ما ذكيتم " [ المائدة : 3 ] في أحد القولين ، وقال الشاعر :

ليس عليك عطش ولا جوع *** إلا الرقادُ والرقادُ ممنوعُ

واحتج بعض أصحاب هذا القول بأن الله جل وعز وصف الملائكة فقال : " لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون " [ التحريم : 6 ] ، وقوله تعالى : " إلا إبليس كان من الجن " [ الكهف : 50 ] والجن غير الملائكة . أجاب أهل المقالة الأولى بأنه لا يمتنع أن يخرج إبليس من جملة الملائكة لما سبق في علم الله بشقائه عدلا منه ، لا يسأل عما يفعل ، وليس في خلقه من نار ولا في تركيب الشهوة حين غضب عليه ما يدفع أنه من الملائكة . وقول من قال : إنه كان من جن الأرض فسبي ، فقد روي في مقابلته أن إبليس هو الذي قاتل الجن في الأرض مع جند من الملائكة ، حكاه المهدوي وغيره . وحكى الثعلبي عن ابن عباس : أن إبليس كان من حي من أحياء الملائكة يقال لهم الجن خلقوا من نار السموم ، وخلقت الملائكة من نور ، وكان اسمه بالسريانية عزازيل ، وبالعربية الحارث ، وكان من خزان الجنة وكان رئيس ملائكة السماء الدنيا وكان له سلطانها وسلطان الأرض ، وكان من أشد الملائكة اجتهادا وأكثرهم علما ، وكان يسوس ما بين السماء والأرض ، فرأى لنفسه بذلك شرفا وعظمة ، فذلك الذي دعاه إلى الكفر فعصى الله فمسخه شيطانا رجيما . فإذا كانت خطيئة الرجل في كبر فلا ترجه ، وإن كانت خطيئته في معصية فارجه ، وكانت خطيئة آدم عليه السلام معصية ، وخطيئة إبليس كبرا . والملائكة قد تسمى جنا لاستتارها ، وفي التنزيل : " وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا{[503]} " [ الصافات : 158 ] ، وقال الشاعر{[504]} في ذكر سليمان عليه السلام :

وسخَّر من جن الملائك تسعة *** قياما لديه يعملون بلا أجر

وأيضا لما كان من خزان الجنة نسب إليها فاشتق اسمه من اسمها ، والله أعلم . وإبليس وزنه إفعيل ، مشتق من الإبلاس وهو اليأس من رحمة الله تعالى . ولم ينصرف ؛ لأنه معرفة ولا نظير له في الأسماء فشبه بالأعجمية . قاله أبو عبيدة وغيره . وقيل : هو أعجمي لا اشتقاق له فلم ينصرف للعجمة والتعريف ، قاله الزجاج وغيره .

السادسة : قوله تعالى : " أبى " معناه امتنع من فعل ما أمر به ، ومنه الحديث الصحيح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا قرأ ابن آدم السجدة [ فسجد ]{[505]} اعتزل الشيطان يبكي يقول يا ويله - وفي راوية : يا ويلي - أمر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة وأمرت بالسجود فأبيت فلي النار ) . خرجه مسلم . يقال : أبي يأبى إباء ، وهو حرف نادر جاء على فعل يفعل ليس فيه حرف من حروف الحلق ، وقد قيل : إن الألف مضارعة لحروف الحلق . قال الزجاج : سمعت إسماعيل بن إسحاق القاضي يقول : القول عندي أن الألف مضارعة لحروف الحلق . قال النحاس : ولا أعلم أن أبا إسحاق روى إسماعيل نحوا غير هذا الحرف .

السابعة : قوله تعالى : " واستكبر " الاستكبار : الاستعظام ، فكأنه كره السجود في حقه واستعظمه في حق آدم ، فكان ترك السجود لآدم تسفيها لأمر الله وحكمته . وعن هذا الكبر عبر عليه السلام بقوله : ( لا يدخل الجنة من [ كان ]{[506]} في قلبه مثقال حبة من خردل من كبر ) . في رواية فقال رجل : إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنة . قال : ( إن الله جميل يحب الجمال الكبر بطر الحق وغمط الناس ) . أخرجه مسلم . ومعنى بطر الحق : تسفيهه وإبطاله . وغمط الناس : الاحتقار لهم والازدراء بهم . ويروى : " وغمص " بالصاد المهملة ، والمعنى واحد ، يقال : غمصه يغمصه غمصا واغتمصه ، أي استصغره ولم يره شيئا . وغمص فلان النعمة إذا لم يشكرها . وغمصت عليه قولا قاله ، أي عبته عليه . وقد صرح اللعين بهذا المعنى فقال : " أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين{[507]} " [ ص : 76 ] . " أأسجد لمن خلقت طينا " [ الإسراء : 61 ] . " لم أكن لأسجد لبشر خلقته من صلصال من حمأ مسنون " [ الحجر : 26 ] فكفره الله بذلك . فكل من سفه شيئا من أوامر الله تعالى أو أمر رسوله عليه السلام كان حكمه حكمه ، وهذا ما لا خلاف فيه . وروى ابن القاسم عن مالك أنه قال بلغني أن أول معصية كانت الحسد والكبر ، حسد إبليس آدم ، وشح آدم في أكله من الشجرة . وقال قتادة : حسد إبليس آدم ، على ما أعطاه الله من الكرامة فقال : أنا ناري وهذا طيني . وكان بدء الذنوب الكبر ، ثم الحرص حتى أكل آدم من الشجرة ، ثم الحسد إذ حسد ابن آدم أخاه .

الثامنة : قوله تعالى : " وكان من الكافرين " قيل : كان هنا بمعنى صار ، ومنه قوله تعالى : " فكان من المغرقين " . وقال الشاعر{[508]} :

بتَيْهَاءَ قفر والمطيُّ كأنها *** قَطَا الحَزْنِ قد كانت فراخا بيوضُهَا

أي صارت . وقال ابن فورك . " كان " هنا بمعنى صار خطأ ترده الأصول . وقال جمهور المتأولين : المعنى أي كان في علم الله تعالى أنه سيكفر ؛ لأن الكافر حقيقة والمؤمن حقيقة هو الذي قد علم الله منه الموافاة .

قلت : وهذا صحيح ، لقوله صلى الله عليه وسلم في صحيح البخاري : ( وإنما الأعمال بالخواتيم ) . وقيل : إن إبليس عبد الله تعالى ثمانين ألف سنة ، وأعطي الرياسة والخزانة في الجنة على الاستدراج ، كما أعطي المنافقون شهادة أن لا إله إلا الله على أطراف ألسنتهم ، وكما أعطي بلعام{[509]} الاسم الأعظم على طرف لسانه ، فكان في رياسته والكبر في نفسه متمكن . قال ابن عباس : كان يرى لنفسه أن له فضيلة على الملائكة بما عنده ، فلذلك قال : أنا خير منه ، ولذلك قال الله عز وجل : " ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي أستكبرت أم كنت من العالين{[510]} " [ ص : 75 ] أي استكبرت ولا كبر لك ، ولم أتكبر أنا حين خلقته بيدي والكبر لي فلذلك قال : " وكان من الكافرين " . [ ص : 74 ] . وكان أصل خلقته من نار العزة ، ولذلك حلف بالعزة فقال : " فبعزتك لأغوينهم أجمعين " [ ص : 82 ] فالعزة أورثته الكبر حتى رأى الفضل له على آدم عليه السلام . وعن أبي صالح قال : خلقت الملائكة من نور العزة وخلق إبليس من نار العزة .

التاسعة : قال علماؤنا - رحمة الله عليهم - : ومن أظهر الله تعالى على يديه ممن ليس بنبي كرامات وخوارق للعادات فليس ذلك دالا على ولايته ، خلافا لبعض الصوفية والرافضة حيث قالوا : إن ذلك يدل على أنه ولي ، إذ لو لم يكن وليا ما أظهر الله على يديه ما أظهر . ودليلنا أن العلم بأن الواحد منا ولي لله تعالى لا يصح إلا بعد العلم بأنه يموت مؤمنا ، وإذا لم يعلم أنه يموت مؤمنا لم يمكنا أن نقطع على أنه ولي لله تعالى ، لأن الولي لله تعالى من علم الله تعالى أنه لا يوافي إلا بالإيمان . ولما اتفقنا على أننا لا يمكننا أن نقطع على أن ذلك الرجل يوافي بالإيمان ، ولا الرجل نفسه يقطع على أنه يوافي بالإيمان ، علم أن ذلك ليس يدل على ولايته لله . قالوا : ولا نمنع أن يطلع بعض أوليائه على حسن عاقبته وخاتمة عمله وغيره معه ، قال الشيخ أبو الحسن الأشعري وغيره . وذهب الطبري إلى أن الله تعالى أراد بقصة إبليس تقريع أشباهه من بني آدم ، وهم اليهود الذين كفروا بمحمد عليه السلام مع علمهم بنبوته ، ومع قدم نعم الله عليهم وعلى أسلافهم .

العاشرة : واختلف هل كان قبل إبليس كافر أو لا ؟ فقيل : لا ، وإن إبليس أول من كفر . وقيل : كان قبله قوم كفار وهم الجن وهم الذين كانوا في الأرض . واختلف أيضا هل كفر إبليس جهلا أو عنادا على قولين بين أهل السنة ، ولا خلاف أنه كان عالما بالله تعالى قبل كفره . فمن قال إنه كفر جهلا قال : إنه سلب العلم عند كفره . ومن قال كفر عنادا قال : كفر ومعه علمه . قال ابن عطية : والكفر عنادا{[511]} مع بقاء العلم مستبعد ، إلا أنه عندي جائز لا يستحيل مع خذل الله لمن يشاء .


[492]:راجع المسألة الأولى ص 261.
[493]:راجع المسألة الثانية ص 262.
[494]:راجع المسألة الأولى ص 279.
[495]:هو حميد بن ثور يصف نساء. يقول: لما ارتحلن ولوين فضول أزمة جمالهن على معاصمهن أسجدت- طأطأت رءوسها- لهن. (عن اللسان وشرح القاموس).
[496]:راجع ج 10 ص 29.
[497]:راجع ج 16 ص 62.
[498]:راجع ج 11 ص 282.
[499]:راجع ج 9 ص 264.
[500]:القتب: رحل صغير على قدر السنام.
[501]:في نسخ من الأصل: "للأقدام".
[502]:في نسخ: "معاشر".
[503]:راجع ج 15 ص 134
[504]:هو أعشى قيس، كما في تفسير الطبري وأبي حيان.
[505]:الزيادة من صحيح مسلم.
[506]:زيادة عن صحيح مسلم.
[507]:راجع ج 7 ص 170.
[508]:هو ابن أحمر؛ كما في اللسان مادة "كون".
[509]:في تاريخ ابن الأثير والطبري إنه بلعم بن باعور من ولد لوط، كان في عهد موسى عليه السلام، وهو من أهل كنعان. راجع تاريخ ابن الأثير ج 1 ص 140، وتاريخ الطبري قسم أول ص 508 طبع أوربا.
[510]:راجع ج 15 ص 228.
[511]:زيادة عن تفسير ابن عطية.