الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{وَإِذۡ قُلۡنَا لِلۡمَلَـٰٓئِكَةِ ٱسۡجُدُواْ لِأٓدَمَ فَسَجَدُوٓاْ إِلَّآ إِبۡلِيسَ أَبَىٰ وَٱسۡتَكۡبَرَ وَكَانَ مِنَ ٱلۡكَٰفِرِينَ} (34)

أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله { اسجدوا لآدم } قال : كانت السجدة لآدم ، والطاعة لله .

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في الآية قال : أمرهم أن يسجدوا فسجدوا له كرامة من الله أكرم بها آدم .

وأخرج ابن عساكر عن أبي إبراهيم المزني أنه سئل عن سجود الملائكة لآدم فقال : إن الله جعل آدم كالكعبة .

وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن محمد بن عباد بن جعفر المخزومي قال : كان سجود الملائكة لآدم إيماء .

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ضمرة قال : سمعت من يذكر أن أول الملائكة خر ساجدا لله حين أمرت الملائكة بالسجود لآدم إسرافيل ، فأثابه الله بذلك أن كتب القرآن في جبهته .

وأخرج ابن عساكر عن عمر بن عبد العزيز قال : لما أمر الله الملائكة بالسجود لآدم كان أول من سجد له إسرافيل ، فأثابه الله أن كتب القرآن في جبهته .

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله { وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم } قال : كانت السجدة لآدم ، والطاعة لله ، وحسد عدو الله إبليس آدم على ما أعطاه الله من الكرامة فقال : أنا ناري وهذا طيني . فكان بدء الذنوب الكبر . استكبر عدو الله أن يسجد لآدم .

وأخرج ابن أبي الدنيا في مكايد الشيطان وابن أبي حاتم وابن الأنباري في كتاب الأضداد والبيهقي في الشعب عن ابن عباس قال : كان إبليس اسمه عزازيل ، وكان من أشرف الملائكة من ذوي الأجنحة الأربعة ، ثم أبلس بعد .

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن الأنباري عن ابن عباس قال : إنما سمي إبليس لأن الله أبلسه من الخير كله ، آيسه منه .

وأخرج ابن اسحاق في المبتدأ وابن جرير وابن الأنباري عن ابن عباس قال : كان إبليس قبل أن يركب المعصية من الملائكة اسمه عزازيل ، وكان من سكان الأرض ، وكان من أشد الملائكة اجتهادا ، وأكثرهم علما . فذلك دعاه إلى الكبر ، وكان من حي يسمون جنا .

وأخرج ابن جرير عن السدي قال : كان اسم إبليس الحرث .

وأخرج وكيع وابن المنذر والبيهقي في الشعب عن ابن عباس قال : كان إبليس من خزان الجنة ، وكان يدبر أمر السماء الدنيا .

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن سعيد بن المسيب قال : كان إبليس رئيس ملائكة سماء الدنيا .

وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس قال : كان إبليس من أشرف الملائكة من أكبرهم قبيلة ، وكان خازن الجنان ، وكان له سلطان سماء الدنيا ، وسلطان الأرض . فرأى أن لذلك له عظمة وسلطانا على أهل السموات ، فأضمر في قلبه من ذلك كبرا لم يعلمه إلا الله ، فلما أمر الله الملائكة بالسجود لآدم خرج كبره الذي كان يسر .

وأخرج ابن جرير وابن الأنباري عن ابن عباس قال : إن الله خلق خلقا فقال { اسجدوا لآدم } فقالوا : لا نفعل فبعث نارا فأحرقهم ، ثم خلق هؤلاء فقال { اسجدوا لآدم } فقالوا : نعم . وكان إبليس من أولئك الذين أبوا أن يسجدوا لآدم .

وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس قال : لما خلق الله الملائكة قال ( إني خالق بشرا من طين ) [ ص : 71 ] فإذا أنا خلقته فاسجدوا له فقالوا : لا نفعل . فأرسل عليهم نارا فأحرقتهم . وخلق ملائكة أخرى فقال ( إني خالق بشرا من طين ) فإذا أنا خلقته فاسجدوا له . فأبوا فأرسل عليه نارا فأحرقتهم ، ثم خلق ملائكة أخرى فقال ( إني خالق بشرا من طين ) فإذا أنا خلقته فاسجدوا له . فقالوا : سمعنا وأطعنا إلا إبليس كان من الكافرين الأولين .

وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن عامر المكي قال : خلق الله الملائكة من نور ، وخلق الجان من نار ، وخلق البهائم من ماء ، وخلق آدم من طين ، فجعل الطاعة في الملائكة ، وجعل المعصية في الجن والأنس .

وأخرج محمد بن نصر عن أنس قال " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله أمر آدم بالسجود فسجد فقال : لك الجنة ولمن سجد من ذريتك ، وأمر إبليس بالسجود فأبى أن يسجد فقال : لك النار ولمن أبى من ولدك أن يسجد " .

وأخرج ابن أبي الدنيا في مكايد الشيطان عن ابن عمر قال : لقي إبليس موسى فقال : يا موسى أنت الذي اصطفاك الله برسالاته وكلمك تكليما إذ تبت ؟ وأنا أريد أن أتوب فاشفع لي إلى ربي أن يتوب علي قال موسى : نعم . فدعا موسى ربه فقيل " يا موسى قد قضيت حاجتك " فلقي موسى إبليس قال : قد أمرت أن تسجد لقبر آدم ويتاب عليك . فاستكبر وغضب وقال : لم أسجد له حيا أسجد به ميتا ؟ ثم قال إبليس : يا موسى إن لك علي حقا بما شفعت لي إلى ربك فاذكرني عند ثلاث لا أهلكك فيهن . أذكرني حين تغضب فإني أجري منك مجرى الدم ، واذكرني حين تلقى الزحف فإني آتي ابن آدم حين يلقى الزحف . فاذكره ولده وزوجته حتى يولي ، وإياك أن تجالس امرأة ليست بذات محرم فإني رسولها إليك ورسولك إليها .

وأخرج ابن المنذر عن أنس قال : إن نوحا لما ركب السفينة أتاه إبليس فقال له نوح : من أنت ؟ قال : أنا إبليس قال : فما جاء بك ؟ قال : جئت تسأل لي ربي هل لي من توبة ؟ فأوحى الله إليه : إن توبته أن يأتي قبر آدم فيسجد له قال : أما أنا لم أسجد له حيا أسجد له ميتا ؟ قال : فاستكبر وكان من الكافرين .

وأخرج ابن المنذر من طريق مجاهد عن جنادة بن أبي أمية قال : كان أول خطيئة كانت الحسد . حسد إبليس آدم أن يسجد له حين أمر ، فحمله الحسد على المعصية .

وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب القرظي قال : ابتدأ الله خلق إبليس على الكفر والضلالة ، وعمل بعمل الملائكة ، فصيره إلى ما بدئ إليه خلقه من الكفر قال الله { وكان من الكافرين } .

وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله { وكان من الكافرين } قال : جعله الله كافرا لا يستطيع أن يؤمن .