الآية : 34 [ وقوله تعالى : ( وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين ) ]{[504]} ثم قال في قوله : ( فسجدوا إلا إبليس ) أنه يجوز الاستثناء من غير نوع المستثنى منه نحو ما يقال : دخل أهل الكوفة هذه الدار إلا رجل من أهل المدينة ، وذلك جائز في اللغة . ويستدل بالاستثناء أن الأمر كان عليهم جميعا في الأصل ، وكان الأمر بالسجود له وللملائكة جميعا كقوله : ( ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس ) [ البقرة : 199 ] دل أن كان هنالك أمر للناس بالإفاضة{[505]} فكذلك الأول . والله أعلم .
وذهب من قال : إنه من الملائكة أنه لما لم يذكر في قصة من القصص مع كثرة التكرار لها في القرآن وغيره من الكتب السالفة أنه ليس منهم ، وليس في ما ذكر من الآيات ما يدل [ على ]{[506]} أنه لم يكن منهم ؛ لأن قوله : ( لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ) [ التحريم : 6 ] لو{[507]} لم يتوهم منهم العصيان والخلاف لله تعالى لم يكن للمدح بالطاعة والخضوع له معنى . ألا ترى إلى قوله : ( ومن يقل منهم إني إله من دونه ، فذلك نجزيه جهنم ) الآية{[508]} [ الأنبياء : 29 ] مع ما ذكرنا أنهم يمتحنون{[509]} بأنواع المحن ، وكل ممتحن في شيء يجوز كون المعصية منه والخلاف لديه ؟
وأما قوله : ( كان من الجن ) [ الكهف : 50 ] [ يحتمل : أي صار من الجن ، وقيل : ( الجن ) ]{[510]} : أراد به الملائكة ، سموا جنا لاستتارهم عن الأبصار كقوله : ( وإذ أنتم أجنة في بطون أمهاتكم ) [ النجم : 32 ] .
وأما قوله : خلق الملائكة من النور وإبليس من النار فهو واحد لأنه أخبر عز وجل أنه خلقه : ( من مارج من نار ) [ الرحمان : 15 ] . وقيل : المارج هو لهبها مع ما ليس في القرآن ولا في الخبر أنهم إنما خلقوا من النور{[511]} ، ولم يخلقوا من غيره .
ثم{[512]} اختلف في إبليس : أنه لِمَ{[513]} كفر [ بالله تعالى ؟ قيل : إنه كفر ]{[514]} لما لم ير الأمر بسجود من فوقه لمن هو دونه حكمة . وقيل : لما رأى أن الله تعالى وضع الأمر في غير موضع الأمر ، ورآه جورا ، فكفر به .
وقيل : كفر لما أبى الائتمار بالسجود ، واستكبر ، فكفر . وقيل : لما أراد إضلال الخلق . وقيل : أبى الطاعة في ما أمره{[515]} به ، واستكبر على آدم [ عليه السلام ]{[516]} لما رأى لنفسه فضلا عليه بقوله : ( خلقتني من نار وخلقته من طين ) [ الأعراف : 12 و 76 ] .
وقوله : ( وكان من الكافرين ) أي صار ، كقوله : ( إنه كان فاحشة ) [ النساء : 22 ] وكقوله : ( فكان من العالمين ) [ الأعراف : 175 ] أي صار ، وقيل : كان في علم الله تعالى أنه سيكفر .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.