{ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لأَدَمَ } سجدة تعظيم وتحية لا سجود صلاة وعبادة ، نظيره قوله في قصة يوسف : { وَخَرُّواْ لَهُ سُجَّدَاً } [ يوسف : 100 ] وكان ذلك تحيّة الناس ، ويُعظم بعضهم بعضاً ، ولم يكن وضع الوجه على الأرض [ وإنما ] كان الإنحناء والتكبير والتقبيل . فلما جاء الإسلام بطّل ذلك بالسّلام .
وفي الحديث " إنّ معاذ بن جبل رجع من اليمن فسجد لرسول الله صلى الله عليه وسلم فتغيّر وجه رسول الله فقال : ما هذا ؟ قال : رأيت اليهود يسجدون لأحبارهم والنصارى يسجدون لقسّيسيهم .
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " مه يا معاذ كذب اليهود والنصارى إنّما السجود لله تعالى " .
وقال بعضهم : كان سجوداً على الحقيقة جُعل آدم قبلة لهم والسجود لله ، كما جُعلت الكعبة قبلة لصلاة المؤمنين والصلاة لله تعالى .
قال ابن مسعود : أمرهم الله تعالى أنْ يأتوا بآدم فسجدت الملائكة وآدم لله ربّ العالمين .
وقال أُبيّ بن كعب : معناه : أقروا لآدم إنّه خير وأكرم عليّ منكم فأقروا بذلك ، والسجود على قول عبدالله وأُبيّ بمعنى الخضوع والطاعة والتذلل ، كقول الشاعر :
السّدي عمّن حدّثه عن ابن عباس قال : إنّما سمّي آدم لأنّه خلق من أديم الأرض ، ومنهم من قال : سُمّي بذلك لأنه خلق من التراب ، والتراب بلسان العبرانية آدم ، وبعضهم من قال : سُمّي بذلك لأدمته لأنه كان آدم اللون وكنيته أبو محمد وأبو البشر .
سعيد بن أبي عروبة عن قتادة قال : ليس في الجنة أحد يُكنّى إلاّ آدم فإنّه يُكنى أبا محمد .
وقرأ العامة : { لِلْمَلاَئِكَةِ } بخفض التاء ، وقرأ أبو جعفر بضم التاء تشبهاً لتاء التأنيث بألف الوصل في قوله : { اسْجُدُواْ } لأنّ ألف الوصل يذهب في الوصل ولأنّها زائدة غير أصلية ، وكذلك تاء التأنيث زائدة غير أصلية ، ولا ثابت جواب ألف اسجدوا .
وقيل : كره ضمّة الجيم بعد كسرة التاء ؛ لأنّ العرب تكره الضمة بعد الكسرة لثقلها ، وهي قراءة ضعيفة جداً وأجمع النحاة على تغليطه فيها . { فَسَجَدُواْ } يعني الملائكة . { إِلاَّ إِبْلِيسَ } وكان اسمه عزازيل ، فلمّا عصى غيّرت صورته وغيّر اسمه فقيل إبليس ؛ لأنّه أُبلس من رحمة الله ، كما يقال : يا خبيث ويا فاسق ، وهو منصوب على الاستثناء ، ولا يصرف لاجتماع العجمة والمعرفة . { أَبَى } أي امتنع ولم يسجد . { وَاسْتَكْبَرَ } أي تكبّر وتعظّم عن السجود { وَكَانَ } أي فصار { مِنَ الْكَافِرِينَ } { وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ } [ هود : 43 ] .
وقال أكثر المفسّرين : معناه فكان في علمه السابق من الكافرين الذين وجبت لهم الشقاوة .
الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد اعتزل الشيطان عنه يبكي فيقول : يا ويلتي أُمر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنّة ، وأُمرت بالسجود فأبيت فلي النّار " .
زياد بن الحصين عن أبي العالية قال : لمّا ركب نوح السفينة إذا هو بابليس على كوثلها فقال له : ويحك قد شقّ أناس من أجلك ، قال : فما تأمرني ؟ قال : تب ، قال : سل ربّك هل لي من توبة ؟ قال : فقيل له أنّ توبته أن يسجد لقبر آدم ، قال : تركته حيّاً واسجد له ميّتاً .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.