التفسير الصحيح لبشير ياسين - بشير ياسين  
{وَإِذۡ قُلۡنَا لِلۡمَلَـٰٓئِكَةِ ٱسۡجُدُواْ لِأٓدَمَ فَسَجَدُوٓاْ إِلَّآ إِبۡلِيسَ أَبَىٰ وَٱسۡتَكۡبَرَ وَكَانَ مِنَ ٱلۡكَٰفِرِينَ} (34)

قوله تعالى ( وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم )

قال الشيخ الشنقيطي عند هذه الآية : لم يبين هنا هل لهم ذلك قبل خلق آدم أو بعد خلقه ؟ وقد صرح في سورة الحجر وص بأنه قال لهم ذلك قبل خلق آدم . فقال في الحجر ( وإذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من طين . فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين ) .

و قال في سورة ص ( وإذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من طين . فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين ) .

واخرج ابن أبي حاتم بإسناده الجيد عن أبي العالية في قول الله ( وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم ) قال للملائكة الذين كانوا في الأرض .

قوله تعالى ( فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر )

وأخرج الطبري بإسناده الحسن عن معمر عن قتادة قوله ( وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ) الكهف : 50 . كان من قبيل من الملائكة يقال لهم : الجن .

وهذا التفسير مستنبط من قوله تعالى ( فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه ) .

وأخرج الطبري عن محمد بن بشار ، قال : حدثنا ابن أبي عدي عن عوف ، عن الحسن ، قال : ما كان إبليس من الملائكة طرفة عين قط وإنه لأصل الجن ، كما أن آدم أصل الإنس .

وذكره ابن كثير وصحح إسناده ( التفسير 1/140 ) .

قال الشيخ الشنقيطي عند هذه الآية : لم يبين هنا موجب استكباره في زعمه ، ولكنه بينه في مواضع أخر كقوله ( قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين ) الأعراف : 12 . وقوله ( قال لم أكن لأسجد لبشر خلقته من صلصال من حمإ مسنون ) الحجر : 33 .

وأخرج الطبري بإسناده الحسن عن سعيد عن قتادة قوله ( وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم ) فكانت الطاعة لله والسجدة لآدم أكرم الله آدم ان أسجد له وملائكته .

ومعنى : استكبر أي تكبر فالسين للمبالغة .

( انظر تفسير القاسمي 2/101 )

وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم معنى الكبر وخطره ، فأخرج مسلم بإسناده عن ابن مسعود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر . . . الكبر بطر الحق وغمط الناس " .

( الصحيح رقم 147 –الإيمان ، ب تحريم الكبر وبيانه ) .

وأخرج ابن أبي حاتم بإسناده الصحيح عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة قوله ( أبى واستكبر وكان من الكافرين ) حسد عدو الله إبليس آدم على ما أعطاه الله من الكرامة ، وقال : أنا ناري وهذا طيني . فكان بدء الذنوب الكبر ، استكبر عدو الله ان يسجد لآدم .

قوله تعالى ( وكان من الكافرين )

أخرج ابن أبي حاتم بإسناده الجيد عن أبي العالية في قوله ( وكان من الكافرين ) يعني : من العاصين .

وأخرج البغوي عند هذه الآية بإسناده عن إسحاق بن إبراهيم الحنظلي ، أنا جرير ووكيع وأبو معاوية ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد ، اعتزل الشيطان يبكي ويقول ياويله امر ابن آدم بالسجود فأطاع فله الجنة وأمرت بالسجود فعصيت فلي النار " .

( التفسير 1/63 ) وإسناده صحيح . وأخرجه مسلم في ( صحيحه من حديث أبي هريرة –كتاب الإيمان ، ب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة رقم 133 ) .