لطائف الإشارات للقشيري - القشيري  
{وَٱقۡتُلُوهُمۡ حَيۡثُ ثَقِفۡتُمُوهُمۡ وَأَخۡرِجُوهُم مِّنۡ حَيۡثُ أَخۡرَجُوكُمۡۚ وَٱلۡفِتۡنَةُ أَشَدُّ مِنَ ٱلۡقَتۡلِۚ وَلَا تُقَٰتِلُوهُمۡ عِندَ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ حَتَّىٰ يُقَٰتِلُوكُمۡ فِيهِۖ فَإِن قَٰتَلُوكُمۡ فَٱقۡتُلُوهُمۡۗ كَذَٰلِكَ جَزَآءُ ٱلۡكَٰفِرِينَ} (191)

يعني عليكم بنصب العداوة مع أعدائي - كما أن عليكم إثبات الولاية والموالاة مع أوليائي - فلا تُشْفِقُوا عليهم وإن كان بينكم واصد الرحم ووشائج القرابة .

{ وأَخْرِجُوهُمْ مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ } : أولاً أَخْرِجُوا حبَّهم وموالاتهم من قلوبكم ، ثم ( . . . . . ) عن أوطان الإسلام ليكون الصغار جارياً عليهم .

قوله جلّ ذكره : { والفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ القَتْلِ } .

والإشارة : أنَّ المحنةَ التي تَرِدُ على القلوب من طوارق الحجب أشد من المحنة التي تَرِدُ على النفوس مِنْ بذل الروح ، لأن فوات حياة القلب أشد من فوات حياة النَّفْس ، إذ النفوس حياتها بمألوفاتها ، ولكن حياة القلب لا تكون إلا بالله .

ويقال الفتنة أشد من القتل : أن تنأى عن الله أعظم من أن تنأى عن روحك وحياتك .

قوله جلّ ذكره : { وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ المَسْجِدِ الحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلَكَ جَزَاءُ الكَافِرِينَ } .

الإشارة منه : لا تشوش وقتك مع الله إذا كان بوصف الصفات بما تدخله على نفسك وإنْ كانت نوافل من الطاعات ، فإن زاحمك مزاحم يشغلك عن الله فاقطع مادة ذلك عن نفسك بكل ما أمكنك لئلا تبقى لك علاقة تصدك عن الله .