في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَلَوۡ نَشَآءُ لَأَرَيۡنَٰكَهُمۡ فَلَعَرَفۡتَهُم بِسِيمَٰهُمۡۚ وَلَتَعۡرِفَنَّهُمۡ فِي لَحۡنِ ٱلۡقَوۡلِۚ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ أَعۡمَٰلَكُمۡ} (30)

16

وفي نهاية الشوط يتهددهم بكشف أمرهم لرسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] وللمسلمين ، الذين يعيشون بينهم متخفين ؛ يتظاهرون بالإسلام وهم لهم كائدون :

ولو نشاء لأريناكهم ، فلعرفتهم بسيماهم ، ولتعرفنهم في لحن القول ، والله يعلم أعمالكم . ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلو أخباركم . .

ويقول لرسوله [ صلى الله عليه وسلم ] : ( ولو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم ) . . أي لو نشاء لكشفنا لك عنهم بذواتهم وأشخاصهم ، حتى لترى أحدهم فتعرفه من ملامحه [ وكان هذا قبل أن يكشف الله له عن نفر منهم بأسمائهم ] ومع ذلك فإن لهجتهم ونبرات صوتهم ، وإمالتهم للقول عن استقامته ، وانحراف منطقهم في خطابك سيدلك على نفاقهم : ( ولتعرفنهم في لحن القول ) . .

ويعرج على علم الله الشامل بالأعمال وبواعثها : ( والله يعلم أعمالكم ) . . فلا تخفى عليه منها خافية . .

ثم وعد من الله بالابتلاء . . ابتلاء الأمة الإسلامية كلها ، لينكشف المجاهدون والصابرون ويتميزوا وتصبح

أخبارهم معروفة ، ولا يقع الالتباس في الصفوف ، ولا يبقى مجال لخفاء أمر المنافقين ولا أمر الضعاف والجزعين :

 
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{وَلَوۡ نَشَآءُ لَأَرَيۡنَٰكَهُمۡ فَلَعَرَفۡتَهُم بِسِيمَٰهُمۡۚ وَلَتَعۡرِفَنَّهُمۡ فِي لَحۡنِ ٱلۡقَوۡلِۚ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ أَعۡمَٰلَكُمۡ} (30)

شرح الكلمات :

{ ولو نشاء لأريناكهم } : أي لعرَّفناك بهم فلعرفتهم .

{ سيماهم } : أي بعلاماتهم .

{ ولتعرفنهم في لحن القول } : أي إذا تكلموا عندك في لحن القول أي معناه وذلك بأن يُعرِّضوا فيه بتهجين أمر المسلمين أي تقبيح أمرهم .

{ والله يعلم أعمالكم } : أي أيها المؤمنون إن الله يعلم أعمالكم وسيجزيكم بها خيراً .

المعنى :

وقوله تعالى لرسوله { ولو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم } بعلامات النفاق فيهم وقوله { ولتعرفنّهم في لحن القول } أي وعزتي وجلالي لتعرفنهم في لحن القول أي في معاني كلامهم إذا تكلموا عندك وبين يديك فإِن كلامهم لا يخلو من التعريض بالمؤمنين بانتقاصهم والقدح في أعمالهم ، كما قيل " من أضمر سريرة ألبسه الله رداءها " وقوله تعالى في خطابه المؤمنين { والله يعلم أعمالكم } ولازمه أنه سيجزيكم بها فاصبروا على الإِيمان والتقوى .

الهداية :

من الهداية :

- ومن أحب شيئا ظهر على وجهه وفلتات لسانه .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَلَوۡ نَشَآءُ لَأَرَيۡنَٰكَهُمۡ فَلَعَرَفۡتَهُم بِسِيمَٰهُمۡۚ وَلَتَعۡرِفَنَّهُمۡ فِي لَحۡنِ ٱلۡقَوۡلِۚ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ أَعۡمَٰلَكُمۡ} (30)

{ وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ } أي : بعلاماتهم التي هي كالوسم في وجوههم . { وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ } أي : لا بد أن يظهر ما في قلوبهم ، ويتبين بفلتات ألسنتهم ، فإن الألسن مغارف القلوب ، يظهر منها ما في القلوب من الخير والشر { وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ } فيجازيكم عليها .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَلَوۡ نَشَآءُ لَأَرَيۡنَٰكَهُمۡ فَلَعَرَفۡتَهُم بِسِيمَٰهُمۡۚ وَلَتَعۡرِفَنَّهُمۡ فِي لَحۡنِ ٱلۡقَوۡلِۚ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ أَعۡمَٰلَكُمۡ} (30)

ولما{[59837]} علم من ذلك إحاطة علمه سبحانه وتعالى وشمول قدرته علم ما له سبحانه من باهر العظمة وقاهر العزة ، فنقل الكلام إلى أسلوبها تنبيهاً على ذلك عاطفاً على ما تقديره : خابت{[59838]} ظنونهم وفالت{[59839]} آراؤهم فلنخرجن{[59840]} ما يبالغون في ستره حتى لا ندع منه شيئاً يريدون إخفاءه{[59841]} إلا كشفناه وأبديناه للناس وأوضحناه ، فإنا نعلمهم ونعلم ذلك منهم من قبل أن نخلقهم ، فلو نشاء لفضحناهم حتى يعرفهم الناس أجمعون ، فلا يخفى منهم أحد على أحد منهم-{[59842]} فقال تعالى : { ولو } ويجوز أن تكون واو للحال أي أم حسبوا ذلك والحال أنا لو { نشاء } أي وقعت منا مشيئة الآن أو قبله أو بعده . ولما كانوا لشدة جهلهم لا يتصورون أن سرائرهم كلها معلومة مقدور على أن يعلمها بشر{[59843]} مثلهم ، أكد قوله : { لأريناكهم } {[59844]}أي رؤية تامة كاشفة لك الغطاء عنهم{[59845]} { فلعرفتهم } أي فتعقبت رؤيتك إياهم معرفتك لهم أنت بخصوصك { بسيماهم } أي بسبب علاماتهم التي نجعلها عالية عليهم غالبة لهم-{[59846]} في إظهار ضمائرهم عليها لا{[59847]} يقدرون على مدافعتها بوجه ، ولم يذكرهم سبحانه بأسمائهم إبقاء{[59848]} على قراباتهم المخلصين{[59849]} من الفتن .

ولما انقضى ما علق بالمشيئة مما كان ممكناً له في الماضي وغيره ، عطف عليه ما يجزه له مما كشف من أمرهم في المستقبل فقال مؤكداً لاستبعاد من يستبعد ذلك منهم أو ممن شاركهم{[59850]} في مرض القلب من غيرهم فقال في جواب قسم محذوف دل عليه باللام{[59851]} : { ولتعرفنهم } أي بعد هذا الوقت{[59852]} معرفة تتجدد بحسب تجدد أقوالهم مستمرة باستمرار ضمائرهم الخبيثة وإسرارهم { في لحن القول } أي الصادر منهم ، ولحنه فحواه{[59853]} أي معناه و-{[59854]} مذهبه وما يدل عليه ويلوح به من مثله عن حقائقه إلى عواقبه وما {[59855]}يؤول إليه{[59856]} أمره مما يخفى على غيرك ، وقال ابن برجان : هو ما تنحو إليه بلسانك أي تميل{[59857]} إليه ليفطن لك صاحبك وتخفيه على من لم يكن له عهد بمرادك ، وعلى القول بالتحقيق فلحن القول ما يبدو من غرض الكلام وخفيات الخطاب وسياق اللفظ وهيئة السحنة حال القول وإن لم يرد المتكلم أن يظهره ولكنه على الأغلب يغلبه حالاً ، فلا يقدر على كل كتمه وإن كان في تكليمه معتمداً على ذلك ، وحقيقته حال يلوح عن السر وإظهار كلام الباطن يكاد يناقض كلام اللسان بحال خفية ومعان يقف{[59858]} عليها باطن التخاطب و-{[59859]} قال :

ولقد لحنت لكم لكيما تفقهوا{[59860]} *** واللحن يعرفه ذوو الألباب

وقال آخر-{[59861]} :

عيناك قد دلتا{[59862]} عيناي منك على *** أشياء لولاهما ما كنت أدريها

وقال أبو حيان{[59863]} : كانوا اصطلحوا على الفاظ يخاطبون بها الرسول صلى الله عليه وسلم مما ظاهره حسن ويعنون به القبيح ، وقال الأصبهاني : وقيل للمخطىء : لاحن لأنه يعدل بالكلام عن الصواب : وقال البغوي{[59864]} : للحن{[59865]} وجهان{[59866]} : صواب وخطأ-{[59867]} ، فالفعل من الصواب لحن يلحن لحناً فهو لحن - إذا فطن{[59868]} للشيء ، والفعل من الخطأ لحن يلحن لحناً فهو لاحن ، والأصل فيه إزالة الكلام عن جهته ، قال-{[59869]} : فكان بعد هذا لا يتكلم منافق عند النبي صلى الله عليه وسلم إلا عرفه ، وقال الثعلبي : وعن أنس رضي الله عنه : ما خفي على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد نزول هذه الآية شيء من المنافقين ، كان يعرفهم بسيماهم ، ولقد كنا في غزوة وفيها سبعة من المنافقين-{[59870]} يشكرهم{[59871]} الناس فناموا ذات ليلة وأصبحوا على جبهة كل واحد منهم مكتوب " هذا منافق " ومثل ابن عباس رضي الله عنهم بقوله : " ما لنا إن أطعنا من الثواب " قال : ولا يقولون : ما لنا-{[59872]} إن عصينا من العقاب{[59873]} .

ولما أخبر سبحانه أنه يعلم ظواهرهم وبواطنهم ، وأنه يجليهم لنبيه صلى الله عليه وسلم في صور ما يخفونه من أقوالهم ، وأكد ذلك لعلمه بشكهم{[59874]} فيه ، واجههم بالتبكيت زيادة في إهانتهم عاماً لغيرهم إعلاماً بأنه محيط بالكل{[59875]} فقال عاطفاً على ما تقديره : فالله يعلم أقولكم : { والله } أي مما له من صفات الكمال{[59876]} { يعلم أعمالكم * } كلها الفعلية والقولية جليها وخفيها ، علماً{[59877]} ثابتاً غيبياً وعلماً راسخاً شهودياً يتجدد بحسب تجددها مستمراً باستمرار ذلك .


[59837]:زيد في الأصل: كان قد، ولم تكن الزيادة في ظ و م ومد فحذفناها.
[59838]:من ظ ومد، وفي الأصل: حات.
[59839]:من مد، وفي الأصل و ظ و م: قالت.
[59840]:زيد في الأصل و ظ: على، ولم تكن الزيادة في م ومد فحذفناها.
[59841]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: خفاءه.
[59842]:زيد من م ومد.
[59843]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: بشد.
[59844]:سقط ما بين الرقمين من ظ و م ومد.
[59845]:سقط ما بين الرقمين من ظ و م ومد.
[59846]:زيد من م، ومد.
[59847]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: فلا.
[59848]:من مد، وفي الأصل و ظ وم: آنفا.
[59849]:من مد، وفي الأصل و ظ و م: المخلصون.
[59850]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: شاكلهم.
[59851]:زيد في الأصل: بقوله تعالى، ولم تكن الزيادة في ظ و م ومد فحذفناها.
[59852]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: القول.
[59853]:من ظ ومد، وفي الأصل: نجواه.
[59854]:زيد من ظ و م ومد.
[59855]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: يدل عليه.
[59856]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: يدل عليه.
[59857]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: تمثل.
[59858]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: يناقص.
[59859]:زيد من ظ و م ومد.
[59860]:من مد، وفي الأصل و ظ و م: نفهموا.
[59861]:زيد من ظ و م ومد.
[59862]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: دليا.
[59863]:راجع البحر المحيط 8/85.
[59864]:في معالم التنزيل بهامش اللباب 6/153.
[59865]:من م ومد والمعالم، وفي الأصل و ظ: اللحن.
[59866]:زيدت الواو في الأصل ولم تكن الزيادة في م ومد والمعالم فحذفناها.
[59867]:زيد من ظ و م ومد والمعالم.
[59868]:من م ومد والمعالم، وفي الأصل و ظ: تفظن.
[59869]:زيد من م ومد والمعالم.
[59870]:زيد من م ومد.
[59871]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: سكرهم.
[59872]:زيد من ظ و م ومد.
[59873]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: العقبات.
[59874]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: بشكرهم.
[59875]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: للكل.
[59876]:سقط من ظ و م ومد.
[59877]:زيد في الأصل: شافيا، ولم تكن الزيادة في ظ و م ومد فحذفناها.