في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِنَّ رَبَّكُمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٖ ثُمَّ ٱسۡتَوَىٰ عَلَى ٱلۡعَرۡشِۖ يُدَبِّرُ ٱلۡأَمۡرَۖ مَا مِن شَفِيعٍ إِلَّا مِنۢ بَعۡدِ إِذۡنِهِۦۚ ذَٰلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمۡ فَٱعۡبُدُوهُۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} (3)

1

( إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ، ثم استوى على العرش ، يدبر الأمر ، ما من شفيع إلا من بعد إذنه . ذلكم الله ربكم فاعبدوه أفلا تذكرون ? إليه مرجعكم جميعا ، وعد الله حقا ، إنه يبدأ الخلق ثم يعيده ، ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات بالقسط ، والذين كفروا لهم شراب من حميم وعذاب أليم بما كانوا يكفرون . هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب . ما خلق الله ذلك إلا بالحق ، يفصل الآيات لقوم يعلمون ، إن في اختلاف الليل والنهار وما خلق الله في السماوات والأرض لآيات لقوم يتقون ) .

وهذه هي القضية الأساسية الكبرى في العقيدة . قضية الربوبية . . فقضية الألوهية لم تكن محل إنكار جدي من المشركين . فهم كانوا يعتقدون بوجود الله - لأن الفطرة البشرية لا تستطيع التخلي عن الاعتقاد بوجود إله لهذا الكون إلا في حالات نادرة منحرفة شديدة الانحراف - ولكنهم كانوا يشركون مع الله أربابا يتوجهون إليهم بالعبادة .

إما ليقربوهم إلى الله زلفى ويكونوا لهم شفعاء عنده كما كانوا يزاولون خصائص الربوبية فيشرعون لأنفسهم ما لم يأذن به الله .

والقرآن الكريم لا يدخل في جدل ذهني جاف بصدد قضية الألوهية والربوبية - كالذي جد فيما بعد بتأثير المنطق اليوناني والفلسفة الإغريقية - إنما يلمس المنطق الفطري الواضح البسيط المباشر :

إن الله هو الذي خلق السماوات والأرض وما فيهن . وجعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل . وقدر اختلاف الليل والنهار . . هذه الظواهر البارزة التي تلمس الحس ، وتوقظ القلب لو تفتح وتدبرهاتدبر الواعي المدرك . . إن الله الذي خلق هذا ودبره هو الذي يليق أن يكون رباً يدين له البشر بالعبودية ولا يشركون به شيئاً من خلقه . . أليست قضية منطقية حية واقعية ، لا تحتاج إلى كد ذهن ، ولا إلى بحث وراء الأقيسة الجدلية التي يعلكها الذهن باردة جافة ، ولا تدفئ القلب مرة ولا تستجيش الوجدان ? !

إن هذا الكون الهائل . سماواته وأرضه . شمسه وقمره . ليله ونهاره . وما في السماوات والأرض من خلق ، ومن أمم ومن سنن ، ومن نبات ومن طير ومن حيوان ، كلها تجري على تلك السنن . .

إن هذا الليل الطامي السادل الشامل ، الساكن إلا من دبيب الرؤى والأشباح . وهذا الفجر المتفتح في سدف الليل كابتسامة الوليد الراضي . وهذه الحركة يتنفس بها الصبح فيدب النشاط في الحياة والأحياء . وهذه الظلال الساربة يحسبها الرائى ساكنة وهي تدب في لطف . وهذا الطير الرائح الغادي القافز الواثب الذي لا يستقر على حال . وهذا النبت النامي المتطلع أبدا إلى النمو والحياة . وهذه الخلائق الذاهبة الآيبة في تدافع وانطلاق . وهذه الأرحام التي تدفع والقبور التي تبلغ ، والحياة ماضية في طريقها كما شاء الله . .

إن هذا الحشد من الصور والظلال ، والأنماط والأشكال ، والحركات والأحوال ، والرواح والذهاب ، والبلى والتجدد ، والذبول والنماء ، والميلاد والممات ، والحركة الدائبة في هذا الكون الهائل التي لا تني ولا تتوقف لحظة من ليل أو نهار . .

إن هذا كله ليستجيش كل خالجة في كيان الإنسان للتأمل والتدبر والتأثر ، حين يستيقظ القلب ، ويتفتح لمشاهدة الآيات المبثوثة في ظواهر الكون وحناياه . . والقرآن الكريم يعمد مباشرة إلى إيقاظ القلب والعقل لتدبر هذا الحشد من الصور والآيات .

( إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ) . .

إن ربكم الذي يستحق الربوبية والعبادة هو هذا الخالق ، الذي خلق السماوات والأرض . خلقها في تقدير وحكمه وتدبير :

( في ستة أيام ) .

حسب ما اقتضت حكمته أن يتم تركيبها وتنسيقها وتهيئتها لما أراده الله .

ولا ندخل في تحديد هذه الأيام الستة ، فهي لم تذكر هنا لنتجه إلى تحديد مداها ونوعها . إنما ذكرت لبيان حكمة التقدير والتدبير في الخلق حسب مقتضيات الغاية من هذا الخلق ، وتهيئته لبلوغ هذه الغاية . .

وعلى أية حال فالأيام الستة غيب من غيب الله ، الذي لا مصدر لإدراكه إلا هذا المصدر . فعلينا أن نقف عنده ولا نتعداه . والمقصود بذكرها هو الإشارة إلى حكمة التقدير والتدبير والنظام ، الذي يسير به الكون من بدئه إلى منتهاه .

( ثم استوى على العرش ) . .

والاستواء على العرش . كناية عن مقام السيطرة العلوية الثابتة الراسخة ، باللغة التي يفهمها البشر ويتمثلون بها المعاني ، على طريقة القرآن في التصوير [ كما فصلنا هذا في فصل التخييل الحسي والتجسيم من كتاب التصوير الفني في القرآن ] .

و( ثم )هنا ليست للتراخي الزماني ، إنما هي للبعد المعنوي . فالزمان في هذا المقام لا ظل له . وليست هناك حالة ولا هيئة لم تكن لله - سبحانه - ثم كانت . فهو - سبحانه - منزه عن الحدوث وما يتعلق به من الزمانوالمكان . لذلك نجزم بأن( ثم )هنا للبعد المعنوي ، ونحن آمنون من أننا لم نتجاوز المنطقة المأمونة التي يحق فيها للعقل البشري أن يحكم ويجزم . لأننا نستند إلى قاعدة كلية في تنزيه الله سبحانه عن تعاقب الهيئات والحالات ، وعن مقتضيات الزمان والمكان .

( يدبر الأمر ) . .

ويقدر أوائله وأواخره ، وينسق أحواله ومقتضياته ، ويرتب مقدماته ونتائجه ، ويختار الناموس الذي يحكم خطواته وأطواره ومصائره .

( ما من شفيع إلا من بعد إذنه ) .

فالأمر كله له ، والحكم كله إليه . وما من شفعاء يقربون إلى اللّه زلفى . وما من شفيع من خلقه إلا حيث يأذن له بالشفاعة ، وفقاً لتدبيره وتقديره ، واستحقاق الشفاعة بالإيمان والعمل الصالح ، لا بمجرد التوسل بالشفعاء . . وهذا يواجه ما كانوا يعتقدونه من أن للملائكة التي يعبدون تماثيلها شفاعة لا ترد عند الله !

ذلكم اللّه الخالق المدبر الحاكم الذي لا يشفع عنده أحد إلا بإذنه . . ( ذلكم الله ربكم ) . . الخليق بالربوبية( فاعبدوه )فهو الذي يستحق الدينونة له دون سواه . . ( أفلا تذكرون )? . . فالأمر من الثبوت والوضوح بحيث لا يحتاج إلا لمجرد التذكر لهذه الحقيقة المعروفة . .

ونقف لحظة أمام قوله تعالى بعد عرض دلائل الألوهية في السماوات والأرض :

( ذلكم الله ربكم فاعبدوه ) . .

وقد قلنا : إن قضية الألوهية لم تكن محل إنكار جدي من المشركين ، فقد كانوا يعترفون بأن الله - سبحانه - هو الخالق الرازق المحي المميت المدبر المتصرف القادر على كل شيء . . ولكن هذا الاعتراف لم تكن تتبعه مقتضياته . فلقد كان من مقتضى هذا الاعتراف بألوهية الله على هذا المستوى أن تكون الربوبية له وحده في حياتهم . . والربوبية تتمثل في الدينونة له وحده ؛ فلا يتقدمون بالشعائر التعبدية إلا له ؛ ولا يحكمون في أمرهم كله غيره . . وهذا معنى قوله تعالى :

( ذلكم الله ربكم فاعبدوه ) . .

فالعبادة هي العبودية ، وهي الدينونة ، وهي الاتباع والطاعة ، مع إفراد الله سبحانه بهذه الخصائص كلها ، لأنها من مقتضيات الاعتراف بالألوهية .

وفي الجاهليات كلها ينحسر مجال الألوهية . ويظن الناس أن الاعتراف بالألوهية في ذاته هو الإيمان ؛ وأنه متى اعترف الناس بأن الله إلههم فقد بلغوا الغاية ؛ دون أن يرتبوا على الألوهية مقتضاها وهو الربوبية . . أي الدينونة لله وحده ليكون هو ربهم الذي لا رب غيره ، وحاكمهم الذي لا سلطان لأحد إلا بسلطانه . .

كذلك ينحسر معنى " العبادة " في الجاهلية ، حتى يقتصر على مجرد تقديم الشعائر . ويحسب الناس أنهم متى قدموا الشعائر لله وحده ، فقد عبدوا الله وحده . . بينما كلمة العبادة ابتداء مشتقة من عبد . و " عبد " تفيد ابتداء " دان وخضع " . وما الشعائر إلا مظهر واحد من مظاهر الدينونة والخضوع لا يستغرق كل حقيقة الدينونة ولا كل مظاهرها .

والجاهلية ليست فترة من الزمان ، ولا مرحلة من المراحل . إنما هي انحسار معنى الألوهية على هذا النحو ، ومعنى العبادة . هذا الانحسار الذي يؤدي بالناس إلى الشرك وهم يحسبون أنهم في دين الله ! كما هو الحال اليوم في كل بلاد الأرض ، بما فيها البلاد التي يتسمى أهلها بأسماء المسلمين ، ويؤدون الشعائر للّه ، بينما أربابهم غير اللّه ، لأن ربهم هو الذي يحكمهم بسلطانه وشريعته ، وهو الذي يدينون له ويخضعون لأمره ونهيه ، ويتبعون ما يشرعه لهم ، وبذلك يعبدونه كما قال رسول الله [ ص ] " . . . فاتبعوهم . فذلك عبادتهم إياهم " . [ في حديث عدي بن حاتم الذي أخرجه الترمذي ] .

ولتوكيد معنى العبادة المقصود جاء في السورة ذاتها قوله تعالى : ( قل : أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا . قل : آلله أذن لكم أم على الله تفترون ? ) . .

وما نحن فيه اليوم لا يفترق في شيء عما كان عليه أهل الجاهلية هؤلاء الذين يناديهم الله بقوله :

( ذلكم الله ربكم فاعبدوه . أفلا تذكرون ! ) . .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{إِنَّ رَبَّكُمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٖ ثُمَّ ٱسۡتَوَىٰ عَلَى ٱلۡعَرۡشِۖ يُدَبِّرُ ٱلۡأَمۡرَۖ مَا مِن شَفِيعٍ إِلَّا مِنۢ بَعۡدِ إِذۡنِهِۦۚ ذَٰلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمۡ فَٱعۡبُدُوهُۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} (3)

يخبر تعالى أنه رب العالم جميعه ، وأنه خَلَق السموات والأرض في ستة أيام - قيل : كهذه الأيام ، وقيل : كل يوم كألف سنة مما تعدون . كما سيأتي بيانه [ إن شاء الله تعالى ]{[14055]} ثم استوى على العرش ، والعرش أعظم المخلوقات وسقفها .

قال ابن أبي حاتم : حدثنا حجاج بن حمزة ، حدثنا أبو أسامة ، حدثنا إسماعيل بن أبي خالد قال : سمعت سعد{[14056]} الطائي يقول : العرش ياقوتة حمراء .

وقال وهب بن منبه : خلقه الله من نوره .

وهذا غريب .

{ يُدَبِّرُ الأمْرَ } أي : يدبر أمر الخلائق ، { لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الأرْضِ } [ سبأ : 3 ] ، ولا يشغله شأن عن شأن ، ولا تغلّظه{[14057]} المسائل ، ولا يتبرم بإلحاح الملحين{[14058]} ولا يلهيه تدبير الكبير عن الصغير ، في الجبال والبحار والعمران والقفار ، { وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأرْضِ إِلا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ } [ هود : 6 ] . { وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ } [ الأنعام : 59 ] {[14059]} .

وقال الدراوردي ، عن سعد بن إسحاق بن كعب [ بن عجرة ]{[14060]} أنه قال حين نزلت هذه الآية : { إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ } لقيهم ركب عظيم{[14061]} [ لا يرون إلا أنهم ]{[14062]} من العرب ، فقالوا لهم : من أنتم ؟ قالوا . من الجن ، خرجنا من المدينة ، أخرجتنا هذه الآية . رواه ابن أبي حاتم .

[ وقوله ]{[14063]} { مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ } كقوله تعالى : { مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلا بِإِذْنِهِ } [ البقرة : 255 ] وكقوله تعالى : { وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى } [ النجم : 26 ] وقوله : { وَلا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ } [ سبأ : 23 ] .

وقوله : { ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ } {[14064]} أي : أفردوه بالعبادة وحده لا شريك له ، { أَفَلا تَذَكَّرُونَ } {[14065]} أي : أيها المشركون في أمركم ، تعبدون مع الله غيره ، وأنتم تعلمون أنه المتفرد بالخلق ، كقوله تعالى : { وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ } [ الزخرف : 87 ] ، وقوله : { قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ } [ المؤمنون : 86 - 87 ] {[14066]} ، وكذا الآية التي قبلها والتي بعدها .


[14055]:- زيادة من أ.
[14056]:- في ت : "سعدا".
[14057]:- في ت ، أ : "ولا يغلطه".
[14058]:- في ت : "+بالألجاج الملجين".
[14059]:- في ت : "يسقط".
[14060]:- زيادة من ت ، أ.
[14061]:- في ت : "لقي - ثم بياض - ركبا عظيما".
[14062]:- زيادة من ت.
[14063]:- زيادة من ت ، أ.
[14064]:- في ت : "يتذكرون".
[14065]:- في ت : "يتذكرون".
[14066]:- في ت : "الله".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{إِنَّ رَبَّكُمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٖ ثُمَّ ٱسۡتَوَىٰ عَلَى ٱلۡعَرۡشِۖ يُدَبِّرُ ٱلۡأَمۡرَۖ مَا مِن شَفِيعٍ إِلَّا مِنۢ بَعۡدِ إِذۡنِهِۦۚ ذَٰلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمۡ فَٱعۡبُدُوهُۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} (3)

{ إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض } التي هي أصول الممكنات . { في ستة أيام ثم استوى على العرش يدبّر الأمر } يقدر أمر الكائنات على ما اقتضته حكمته وسبقت به كلمته ويهيئ بتحريكه أسبابها وينزلها منه ، والتدبير النظر في أدبار الأمور لتجيء محمودة العاقبة . { ما من شفيع إلا من بعد إذنه } تقرير لعظمته وعز جلاله ، ورد على من زعم أن آلهتهم تشفع لهم عند الله وفيه إثبات الشفاعة لمن أذن له { ذلكم الله } أي الموصوف بتلك الصفات المقتضية للألوهية والربوبية . { ربكم } لا غير إذ لا يشاركه أحد في شيء من ذلك . { فاعبدوه } وحدوه بالعبادة . { أفلا تذكّرون } تتفكرون أدنى تفكر فينبهكم على أنه المستحق للربوبية والعبادة لا ما تعبدونه .