ثم يضرب لهم مثلين للسيد المالك الرازق وللمملوك العاجز الذي لا يملك ولا يكسب . لتقريب الحقيقة الكبرى التي غفلوا عنها . حقيقة أن ليس لله مثال ، وما يجوز أن يسووا في العبادة بين الله وأحد من خلقه وكلهم لهم عبيد :
( ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شيء ، ومن رزقناه منا رزقا حسنا فهو ينفق منه سرا وجهرا . هل يستوون ؟ الحمد لله . بل أكثرهم لا يعلمون . )
والمثل الأول مأخوذ من واقعهم ، فقد كان لهم عبيد مملوكون ، لا يملكون شيئا ولا يقدرون على شيء . وهم لا يسوون بين العبد المملوك العاجز والسيد المالك المتصرف . فكيف يسوون بين سيد العباد ومالكهم وبين أحد أو شيء مما خلق . وكل مخلوقاته له عبيد ؟
قال العوفي ، عن ابن عباس : هذا مثل ضربه الله للكافر والمؤمن : وكذا قال قتادة ، واختاره ابن جرير .
والعبد{[16595]} المملوك الذي لا يقدر على شيء ، مثل الكافر والمرزوق الرزق الحسن ، فهو ينفق منه سرا وجهرا ، هو{[16596]} المؤمن .
وقال ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : هو مثل مضروب للوثن وللحق تعالى ، فهل يستوي هذا وهذا ؟
ولما كان الفرق ما بينهما بينا واضحا ظاهرًا لا يجهله إلا كل غبي ، قال الله{[16597]} تعالى : { الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ } . {[16598]}
ثم علمهم كيف يضرب ، فضرب مثلا لنفسه ولمن عبد دونه فقال : { ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شيء ومن رزقناه منا رزقا حسنا فهو يُنفق منه سرا وجهرا هل يستوون } ، مثل ما يشرك به بالمملوك العاجز عن التصرف رأسا ، ومثل نفسه بالحر المالك الذي رزقه الله مالا كثيرا ، فهو يتصرف فيه وينفق منه كيف يشاء ، واحتج بامتناع الاشتراك والتسوية بينهما مع تشاركهما في الجنسية والمخلوقية ، على امتناع التسوية بين الأصنام التي هي أعجز المخلوقات ، وبين الله الغني القادر على الإطلاق . وقيل : هو تمثيل للكافر المخذول والمؤمن الموفق ، وتقييد العبد بالمملوكية للتمييز عن الحر ، فإنه أيضا عبد الله ، وبسلب القدرة للتمييز عن المكاتب والمأذون ، وجعله قسيما للمالك المتصرف ، يدل على أن : المملوك لا يملك ، والأظهر أن : { من } ، نكرة موصوفة ليطابق { عبدا } ، وجمع الضمير في : { يستوون } ؛ لأنه للجنسين ، فإن المعنى : هل يستوي الأحرار والعبيد ؟ { الحمد لله } ، كل الحمد له ، لا يستحقه غيره ، فضلا عن العبادة ؛ لأنه مولى النعم كلها . { بل أكثرهم لا يعلمون } ، فيضيفون نعمة إلى غيره ، ويعبدونه لأجلها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.