تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيۡنَٰهُمۡ فَٱسۡتَحَبُّواْ ٱلۡعَمَىٰ عَلَى ٱلۡهُدَىٰ فَأَخَذَتۡهُمۡ صَٰعِقَةُ ٱلۡعَذَابِ ٱلۡهُونِ بِمَا كَانُواْ يَكۡسِبُونَ} (17)

{ 17 - 18 } { وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ * وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ }

وأما ثمود وهم القبيلة المعروفة الذين سكنوا الحجر وحواليه ، الذين أرسل اللّه إليهم صالحًا عليه السلام ، يدعوهم إلى توحيد ربهم ، وينهاهم عن الشرك وآتاهم اللّه الناقة ، آية عظيمة ، لها شرب ولهم شرب يوم معلوم ، يشربون لبنها يومًا ويشربون من الماء يومًا ، وليسوا ينفقون عليها ، بل تأكل من أرض اللّه ، ولهذا قال هنا : { وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ } أي : هداية بيان ، وإنما نص عليهم ، وإن كان جميع الأمم المهلكة ، قد قامت عليهم الحجة ، وحصل لهم البيان ، لأن آية ثمود ، آية باهرة ، قد رآها صغيرهم وكبيرهم ، وذكرهم وأنثاهم ، وكانت آية مبصرة ، فلهذا خصهم بزيادة البيان والهدى .

ولكنهم -من ظلمهم وشرهم- استحبوا العمى -الذي هو الكفر والضلال- على الهدى -الذي هو : العلم والإيمان- { فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ } لا ظلمًا من اللّه لهم .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيۡنَٰهُمۡ فَٱسۡتَحَبُّواْ ٱلۡعَمَىٰ عَلَى ٱلۡهُدَىٰ فَأَخَذَتۡهُمۡ صَٰعِقَةُ ٱلۡعَذَابِ ٱلۡهُونِ بِمَا كَانُواْ يَكۡسِبُونَ} (17)

قوله تعالى : { وأما ثمود فهديناهم } دعوناهم ، . قال مجاهد ، وقال ابن عباس : بينا لهم سبيل الهدى . وقيل : دللناهم على الخير والشر ، كقوله : { هديناه السبيل }( الإنسان-3 ) ، { فاستحبوا العمى على الهدى } فاختاروا الكفر على الإيمان ، { فأخذتهم صاعقة العذاب } أي : مهلكة العذاب ، { الهون } أي : ذي الهوان ، أي : الهوان ، وهو الذي يهينهم ويخزيهم . { بما كانوا يكسبون ونجينا الذين آمنوا وكانوا يتقون }

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيۡنَٰهُمۡ فَٱسۡتَحَبُّواْ ٱلۡعَمَىٰ عَلَى ٱلۡهُدَىٰ فَأَخَذَتۡهُمۡ صَٰعِقَةُ ٱلۡعَذَابِ ٱلۡهُونِ بِمَا كَانُواْ يَكۡسِبُونَ} (17)

قوله تعالى : " وأما ثمود فهديناهم " أي بينا لهم الهدى والضلال ، عن ابن عباس وغيره . وقرأ الحسن وابن أبي إسحاق وغيرهما " وأما ثمود " بالنصب وقد مضى الكلام فيه في " الأعراف " {[13428]} . " فاستحبوا العمى على الهدى " أي اختاروا الكفر على الإيمان . وقال أبو العالية : اختاروا العمى على البيان . السدي : اختاروا المعصية على الطاعة . " فأخذتهم صاعقة العذاب الهون " " الهون " بالضم الهوان . وهون بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر أخو كنانة وأسد . وأهانه : استخف به . والاسم الهوان والمهانة . وأضيف الصاعقة إلى العذاب ؛ لأن الصاعقة اسم للمبيد المهلك ، فكأنه قال مهلك العذاب ، أي العذاب المهلك . والهون وإن كان مصدرا فمعناه الإهانة والإهانة عذاب ، فجاز أن يجعل أحدهما وصفا للآخر ، فكأنه قال : صاعقة الهون . وهو كقولك : عندي علم اليقين ، وعندي العلم اليقين . ويجوز أن يكون الهون اسما مثل الدون ، يقال : عذاب هون أي مهين ، كما قال : " ما لبثوا في العذاب المهين " . [ سبأ : 14 ] . وقيل : أي صاعقة العذاب ذي الهون . " بما كانوا يكسبون " من تكذيبهم صالحا وعقرهم الناقة ، على ما تقدم .


[13428]:راجع ج 7 ص 238 طبعة أولى أو ثانية.