تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَإِن طَآئِفَتَانِ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ ٱقۡتَتَلُواْ فَأَصۡلِحُواْ بَيۡنَهُمَاۖ فَإِنۢ بَغَتۡ إِحۡدَىٰهُمَا عَلَى ٱلۡأُخۡرَىٰ فَقَٰتِلُواْ ٱلَّتِي تَبۡغِي حَتَّىٰ تَفِيٓءَ إِلَىٰٓ أَمۡرِ ٱللَّهِۚ فَإِن فَآءَتۡ فَأَصۡلِحُواْ بَيۡنَهُمَا بِٱلۡعَدۡلِ وَأَقۡسِطُوٓاْۖ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلۡمُقۡسِطِينَ} (9)

{ 9-10 } { وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ }

هذا متضمن لنهي المؤمنين ، [ عن ] أن يبغي بعضهم على بعض ، ويقاتل{[798]}  بعضهم بعضًا ، وأنه إذا اقتتلت طائفتان من المؤمنين ، فإن على غيرهم من المؤمنين أن يتلافوا هذا الشر الكبير ، بالإصلاح بينهم ، والتوسط بذلك على أكمل وجه يقع به الصلح ، ويسلكوا الطريق الموصلة إلى ذلك ، فإن صلحتا ، فبها ونعمت ، وإن { بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ } أي : ترجع إلى ما حد الله ورسوله ، من فعل الخير وترك الشر ، الذي من أعظمه ، الاقتتال ، [ وقوله ] { فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ } هذا أمر بالصلح ، وبالعدل في الصلح ، فإن الصلح ، قد يوجد ، ولكن لا يكون بالعدل ، بل بالظلم والحيف على أحد الخصمين ، فهذا ليس هو الصلح المأمور به ، فيجب أن لا يراعى أحدهما ، لقرابة ، أو وطن ، أو غير ذلك من المقاصد والأغراض ، التي توجب العدول عن العدل ، { إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ } أي : العادلين في حكمهم بين الناس وفي جميع الولايات ، التي تولوها ، حتى إنه ، قد يدخل في ذلك عدل الرجل في أهله ، وعياله ، في أدائه حقوقهم ، وفي الحديث الصحيح : " المقسطون عند الله ، على منابر من نور الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم ، وما ولوا "


[798]:- في ب: ويقتل.
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَإِن طَآئِفَتَانِ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ ٱقۡتَتَلُواْ فَأَصۡلِحُواْ بَيۡنَهُمَاۖ فَإِنۢ بَغَتۡ إِحۡدَىٰهُمَا عَلَى ٱلۡأُخۡرَىٰ فَقَٰتِلُواْ ٱلَّتِي تَبۡغِي حَتَّىٰ تَفِيٓءَ إِلَىٰٓ أَمۡرِ ٱللَّهِۚ فَإِن فَآءَتۡ فَأَصۡلِحُواْ بَيۡنَهُمَا بِٱلۡعَدۡلِ وَأَقۡسِطُوٓاْۖ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلۡمُقۡسِطِينَ} (9)

{ وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا } تقاتلوا والجمع باعتبار المعنى فإن كل طائفة جمع . { فأصلحوا بينهما } بالنصح والدعاء إلى حكم الله تعالى . { فإن بغت إحداهما على الأخرى } تعدت عليها . { فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله } ترجع إلى حكمه أو ما أمر به ، وإنما أطلق الفيء على الظل لرجوعه بعد نسخ الشمس ، والغنيمة لرجوعها من الكفار إلى المسلمين . { فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل } بفصل ما بينهما على ما حكم الله ، وتقييد الإصلاح بالعدل ها هنا لأنة مظنة الحيف من حيث إنه بعد المقاتلة . { وأقسطوا } واعدلوا في كل الأمور . { إن الله يحب المقسطين } يحمد فعلهم بحسن الجزاء . والآية نزلت في قتال حدث بين الأوس والخزرج في عهده عليه الصلاة والسلام بالسعف والنعال ، وهي تدل على أن الباغي مؤمن وأنه إذا قبض عن الحرب ترك كما جاء في الحديث لأنه فيء إلى أمر الله تعالى ، وأنه يجب معاونة من بغى عليه بعد تقديم النصح والسعي في المصالحة .