تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَمَن يَعۡشُ عَن ذِكۡرِ ٱلرَّحۡمَٰنِ نُقَيِّضۡ لَهُۥ شَيۡطَٰنٗا فَهُوَ لَهُۥ قَرِينٞ} (36)

{ 36-39 } { وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ * وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ * حَتَّى إِذَا جَاءَنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ * وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ }

يخبر تعالى عن عقوبته البليغة ، لمن أعرض عن ذكره ، فقال : { وَمَنْ يَعْشُ } أي : يعرض ويصد { عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ } الذي هو القرآن العظيم ، الذي هو أعظم رحمة رحم بها الرحمن عباده ، فمن قبلها ، فقد قبل خير المواهب ، وفاز بأعظم المطالب والرغائب ، ومن أعرض عنها وردها ، فقد خاب وخسر خسارة لا يسعد بعدها أبدا ، وقيَّض له الرحمن شيطانا مريدا ، يقارنه ويصاحبه ، ويعده ويمنيه ، ويؤزه إلى المعاصي أزا ،

 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{وَمَن يَعۡشُ عَن ذِكۡرِ ٱلرَّحۡمَٰنِ نُقَيِّضۡ لَهُۥ شَيۡطَٰنٗا فَهُوَ لَهُۥ قَرِينٞ} (36)

{ ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا } يعش من قولك : عشى الرجل إذا أظلم بصره ، والمراد به هنا : ظلمة القلب والبصيرة ، وقال الزمخشري : يعشى بفتح الشين إذا حصلت الآفة في عينيه ، ويعشو بضم الشين إذا نظر نظرة الأعشى وليس به آفة ، فالفرق بينهما كالفرق بين قولك عمى وتعامى ، فمعنى القراءة بالضم يتجاهل ويجحد مع معرفته بالحق ، والظاهر أن ذلك عبارة عن الغفلة وإهمال النظر ، وذكر الرحمن ، وقال الزمخشري يريد به القرآن ، وقال ابن عطية : يريد به ما ذكر الله به عباده من المواعظ ، فالمصدر مضاف إلى الفاعل ، ويحتمل عندي أن يريد ذكر العبد لله ، ومعنى الآية : أن من غفل عن ذكر الله يسر الله له شيطانا يكون له قرينا ، فتلك عقوبة على الغفلة عن الذكر بتسليط الشيطان كما أن من داوم على الذكر تباعد عنه الشيطان .