إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَمَن يَعۡشُ عَن ذِكۡرِ ٱلرَّحۡمَٰنِ نُقَيِّضۡ لَهُۥ شَيۡطَٰنٗا فَهُوَ لَهُۥ قَرِينٞ} (36)

{ وَمَن يَعشُ } أيْ يتعامَ { عَن ذِكْرِ الرحمن } وهو القرآنُ . وإضافتُه إلى اسمِ الرَّحمنِ للإيذانِ بنزولِه رحمةً للعالمينَ . وقُرِئ يعشَ بالفتحِ ، أي يعمَ يقالُ عَشَى يعْشَى إذا كانَ في بصرِه آفةٌ وعشَا يعشُو إذا تَعشَّى بلا آفةٍ كعَرَج وعَرُج . وقُرِئ يعشُو على أنَّ منْ موصولةٌ مضمنةٍ مَعْنى الشرطِ ، والمَعْنى ومَنْ يُعرضْ عنه لفرطِ اشتغالِه بزهرةِ الحياة الدُّنيا وانهماكِه في حظوظِها الفانيةِ والشهواتِ . { نُقَيّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ } لا يفارقُه ولا يزالُ يوسوسُه ويُغويهِ . وقُرِئِ يُقيضْ بالياءِ ، على إسناده إلى ضميرِ الرحمنِ ، ومَنْ رفعَ يعشُو فحقُّه أنْ يرفعَ يقيضْ .