لطائف الإشارات للقشيري - القشيري  
{وَمَن يَعۡشُ عَن ذِكۡرِ ٱلرَّحۡمَٰنِ نُقَيِّضۡ لَهُۥ شَيۡطَٰنٗا فَهُوَ لَهُۥ قَرِينٞ} (36)

قوله جل جلاله : { وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ } .

مَنْ لم يعرف قَدْرَ الخلوة مع اللَّهِ فحاد عن ذكره ، وأَخلدَ إلى الخواطر الردَّية فيَّضَ اللَّهُ له مَنْ يَشْغَلُه عن الله - وهذا جَزاءُ مَنْ تَرَك الأدبَ في الخلوة . وإذا اشتغل العبدُ في خلوته بربِّه . . فلو تعرَّض له مَنْ يشغله عن الله – وهذا جزاء من ترك الأدب في الخلوة . وإذا اشتغل العبد في خلوته بربه . فلو تعرض له من يشغله عن ربه صَرَفه الحق عنه بأَي وجْهٍ كان ، وصَرَفَ دواعيه عن مفاتحته بمَا يشغله عن الله .

ويقال : أصعبُ الشياطين نَفْسُكَ ؛ والعبدُ إذا لم يَعْرِفْ خَطَرَ فراغ قلبه ، واتَّبَعَ شهوته ، وفتح ذلك البابَ علَى نَفْسه بقي في يد هواه أسيراً لا يكاد يتخَلّصُ عنه إلا بعد مُدَّة .