السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَمَن يَعۡشُ عَن ذِكۡرِ ٱلرَّحۡمَٰنِ نُقَيِّضۡ لَهُۥ شَيۡطَٰنٗا فَهُوَ لَهُۥ قَرِينٞ} (36)

{ ومن يعش } أي : يعرض { عن ذكر الرحمان } أي : الذي عمت رحمته فلا رحمة على أحد إلا وهي منه تعالى كما فعل هؤلاء حين متعناهم وآباءهم حتى أبطرهم ذلك وهو شيء يسير جداً ، فأعرضوا عن الآيات والدلائل فلم ينظروا فيها إلا نظراً ضعيفاً كنظر من عشا بصره وهو من ساء بصره بالليل والنهار { نقيض } أي : نسبب { له } عقاباً على إعراضه عن ذكر الله تعالى { شيطاناً } أي : شخصاً نارياً بعيداً من الرحمة يكون غالباً عليه محيطاً به مثل قيض البيضة وهو القشر الداخل { فهو له قرين } أي : مشدود به لا يفارقه فلا يمكنه التخلص منه ما دام متعامياً عن ذكر الله تعالى ، فهو يزين له العمى ويخيل إليه أنه على عين الهدى كما أن من يستبصر بذكر الرحمان يسخر له ملك فهو له ولي يثيره إلى كل خير ، فذكر الله تعالى حصن حصين من الشيطان الرجيم متى خرج العبد منه أسره العدو كما ورد في الحديث » .