تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{إِنۡ أَحۡسَنتُمۡ أَحۡسَنتُمۡ لِأَنفُسِكُمۡۖ وَإِنۡ أَسَأۡتُمۡ فَلَهَاۚ فَإِذَا جَآءَ وَعۡدُ ٱلۡأٓخِرَةِ لِيَسُـُٔواْ وُجُوهَكُمۡ وَلِيَدۡخُلُواْ ٱلۡمَسۡجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٖ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوۡاْ تَتۡبِيرًا} (7)

{ إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ } لأن النفع عائد إليكم حتى في الدنيا كما شاهدتم من انتصاركم على أعدائكم . { وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا } أي : فلأنفسكم يعود الضرر كما أراكم الله من تسليط الأعداء .

{ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ } أي : المرة الآخرة{[468]} التي تفسدون فيها في الأرض سلطنا عليكم الأعداء .

{ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ } بانتصارهم عليكم وسبيكم وليدخلوا المسجد الحرام كما دخلوه أول مرة ، والمراد بالمسجد مسجد بيت المقدس .

{ وَلِيُتَبِّرُوا } أي : يخربوا ويدمروا { مَا عَلَوْا } عليه { تَتْبِيرًا } فيخربوا بيوتكم ومساجدكم وحروثكم .


[468]:- في ب: الأخرى.
 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِنۡ أَحۡسَنتُمۡ أَحۡسَنتُمۡ لِأَنفُسِكُمۡۖ وَإِنۡ أَسَأۡتُمۡ فَلَهَاۚ فَإِذَا جَآءَ وَعۡدُ ٱلۡأٓخِرَةِ لِيَسُـُٔواْ وُجُوهَكُمۡ وَلِيَدۡخُلُواْ ٱلۡمَسۡجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٖ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوۡاْ تَتۡبِيرًا} (7)

وقبل أن يتم السياق بقية النبوءة الصادقة والوعد المفعول يقرر قاعدة العمل والجزاء :

( إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها ) . .

القاعدة التي لا تتغير في الدنيا وفي الآخرة ؛ والتي تجعل عمل الإنسان كله له ، بكل ثماره ونتائجه . وتجعل الجزاء ثمرة طبيعية للعمل ، منه تنتج ، وبه تتكيف ؛ وتجعل الإنسان مسؤولا عن نفسه ، إن شاء أحسن إليها ، وإن شاء أساء ، لا يلومن إلا نفسه حين يحق عليه الجزاء .

فإذا تقررت القاعدة مضى السياق يكمل النبوءة الصادقة :

( فإذا جاء وعد الآخرة ليسوؤوا وجوهكم ، وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة ، وليتبروا ما علوا تتبيرا ) . .

ويحذف السياق ما يقع من بني إسرائيل بعد الكرة من إفساد في الأرض ، اكتفاء بذكره من قبل : ( لتفسدن في الأرض مرتين ) ويثبت ما يسلطه عليهم في المرة الآخرة : فإذا جاء وعد الآخرة ليسوؤوا وجوهكم بما يرتكبونه معهم من نكال يملأ النفوس بالإساءة حتى تفيض على الوجوه ، أو بما يجبهون به وجوههم من مساءة وإذلال . ويستبيحون المقدسات ويستهينون بها : ( وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة ) ويدمرون ما يغلبون عليه من مال وديار ( وليتبروا ما علوا تتبيرا ) . وهي صورة للدمار الشامل الكامل الذي يطغى على كل شيء ، والذي لا يبقي على شيء .

ولقد صدقت النبوءة ووقع الوعد ، فسلط الله على بني إسرائيل من قهرهم أول مرة ، ثم سلط عليهم من شردهم في الأرض ، ودمر مملكتهم فيها تدميرا .

ولا ينص القرآن على جنسية هؤلاء الذين سلطهم على بني إسرائيل ، لأن النص عليها لا يزيد في العبرة شيئا . والعبرة هي المطلوبة هنا . وبيان سنة الله في الخلق هو المقصود .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{إِنۡ أَحۡسَنتُمۡ أَحۡسَنتُمۡ لِأَنفُسِكُمۡۖ وَإِنۡ أَسَأۡتُمۡ فَلَهَاۚ فَإِذَا جَآءَ وَعۡدُ ٱلۡأٓخِرَةِ لِيَسُـُٔواْ وُجُوهَكُمۡ وَلِيَدۡخُلُواْ ٱلۡمَسۡجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٖ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوۡاْ تَتۡبِيرًا} (7)

ثم قال تعالى : { إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لأنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا } أي : فعليها ، كما قال تعالى : { مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا } [ فصلت : 46 ] .

وقوله : { فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ } أي : المرة الآخرة{[17234]} أي : إذا أفسدتم المرة الثانية وجاء أعداؤكم { لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ } أي : يهينوكم ويقهروكم { وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ } أي بيت المقدس { كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ } أي : في التي جاسوا فيها خلال الديار { وَلِيُتَبِّرُوا } أي : يدمروا ويخربوا { مَا عَلَوْا } أي : ما ظهروا عليه { تَتْبِيرًا }


[17234]:في ت: "الأخرى".