تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَشۡتَرِي لَهۡوَ ٱلۡحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ بِغَيۡرِ عِلۡمٖ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًاۚ أُوْلَـٰٓئِكَ لَهُمۡ عَذَابٞ مُّهِينٞ} (6)

{ 6 - 9 } { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ * وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ * خَالِدِينَ فِيهَا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ }

أي : { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ } هو محروم مخذول { يَشْتَرِي } أي : يختار ويرغب رغبة من يبذل الثمن في الشيء . { لَهْوَ الْحَدِيثِ } أي : الأحاديث الملهية للقلوب ، الصادَّة لها عن أجلِّ مطلوب . فدخل في هذا كل كلام محرم ، وكل لغو ، وباطل ، وهذيان من الأقوال المرغبة في الكفر ، والفسوق ، والعصيان ، ومن أقوال الرادين على الحق ، المجادلين بالباطل ليدحضوا به الحق ، ومن غيبة ، ونميمة ، وكذب ، وشتم ، وسب ، ومن غناء ومزامير شيطان ، ومن الماجريات الملهية ، التي لا نفع فيها في دين ولا دنيا .

فهذا الصنف من الناس ، يشتري لهو الحديث ، عن هدي الحديث { لِيُضِلَّ } الناس { بِغَيْرِ عِلْمٍ } أي : بعدما ضل بفعله ، أضل غيره ، لأن الإضلال ، ناشئ عن الضلال .

وإضلاله في هذا الحديث ؛ صده عن الحديث النافع ، والعمل النافع ، والحق المبين ، والصراط المستقيم .

ولا يتم له هذا ، حتى يقدح في الهدى والحق ، ويتخذ آيات اللّه هزوا ويسخر بها ، وبمن جاء بها ، فإذا جمع بين مدح الباطل والترغيب فيه ، والقدح في الحق ، والاستهزاء به وبأهله ، أضل من لا علم عنده وخدعه بما يوحيه إليه ، من القول الذي لا يميزه ذلك الضال ، ولا يعرف حقيقته .

{ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ } بما ضلوا وأضلوا ، واستهزءوا [ بآيات اللّه ]{[1]}  وكذبوا الحق الواضح .


[1]:- هذا التنبيه جعله الشيخ -رحمه الله- على غلاف المجلد الأول فصدرت به التفسير كما فعل -رحمه الله-.
 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَشۡتَرِي لَهۡوَ ٱلۡحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ بِغَيۡرِ عِلۡمٖ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًاۚ أُوْلَـٰٓئِكَ لَهُمۡ عَذَابٞ مُّهِينٞ} (6)

أولئك المهتدون بالكتاب وآياته ، المحسنون ، المقيمون للصلاة ، المؤتون للزكاة ، الموقنون بالآخرة ، المفلحون في الدنيا والآخرة . . أولئك فريق . . وفي مقابلهم فريق :

( ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا . أولئك لهم عذاب مهين . وإذا تتلى عليه آياتنا ولى مستكبرا كأن لم يسمعها ، كأن في أذنيه وقرا . فبشره بعذاب أليم ) . .

ولهو الحديث كل كلام يلهي القلب ويأكل الوقت ، ولا يثمر خيرا ولا يؤتي حصيلة تليق بوظيفة الإنسان المستخلف في هذه ا لأرض لعمارتها بالخير والعدل والصلاح . هذه الوظيفة التي يقرر الإسلام طبيعتها وحدودها ووسائلها ، ويرسم لها الطريق . والنص عام لتصوير نموذج من الناس موجود في كل زمان وفي كل مكان . وبعض الروايات تشير إلى أنه كان تصويرا لحادث معين في الجماعة الإسلامية الأولى . وقد كان النضر بن الحارث يشتري الكتب المحتوية لأساطير الفرس وقصص أبطالهم وحروبهم ؛ ثم يجلس في طريق الذاهبين لسماع القرآن من رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] محاولا أن يجذبهم إلى سماع تلك الأساطير والاستغناء بها عن قصص القرآن الكريم . ولكن النص أعم من هذا الحادث الخاص إذا صح أنه وارد فيه . وهو يصور فريقا من الناس واضح السمات ، قائما في كل حين . وقد كان قائما على عهد الدعوة الأولى في الوسط المكي الذي نزلت فيه هذه الآيات .

( ومن الناس من يشتري لهو الحديث ) . . يشتريه بماله ويشتريه بوقته ، ويشتريه بحياته . يبذل تلك الأثمان الغالية في لهو رخيص ، يفني فيه عمره المحدود ، الذي لا يعاد ولا يعود ، يشتري هذا اللهو ( ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا ) فهو جاهل محجوب ، لا يتصرف عن علم ، ولا يرمي عن حكمة وهوسيىء النية والغاية ، يريد ليضل عن سبيل الله . يضل نفسه ويضل غيره بهذا اللهو الذي ينفق فيه الحياة . وهو سيىء الأدب يتخذ سبيل الله هزوا ، ويسخر من المنهج الذي رسمه الله للحياة وللناس . ومن ثم يعالج القرآن هذا الفريق بالمهانة والتهديد قبل أن يكمل رسم الصورة : ( أولئك لهم عذاب مهين ) . . ووصف العذاب بأنه مهين مقصود هنا للرد على سوء الأدب والاستهزاء بمنهج الله وسبيله القويم .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَشۡتَرِي لَهۡوَ ٱلۡحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ بِغَيۡرِ عِلۡمٖ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًاۚ أُوْلَـٰٓئِكَ لَهُمۡ عَذَابٞ مُّهِينٞ} (6)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَمِنَ النّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلّ عَن سَبِيلِ اللّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتّخِذَهَا هُزُواً أُوْلََئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مّهِينٌ } .

اختلف أهل التأويل ، في تأويل قوله : وَمِنَ النّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الحَدِيث فقال بعضهم : من يشتري الشراء المعروف بالثمن ، ورووا بذلك خبرا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ما :

حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا وكيع ، عن خلاد الصفَار ، عن عبيد الله بن زَحْر ، عن عليّ بن يزيد ، عن القاسم ، عن أبي أُمامة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لا يَحِلّ بَيْعُ المُغَنّياتِ ، وَلا شِرَاؤُهُنّ ، وَلا التّجارَةُ فِيهِنّ ، وَلا أثمَانُهُنّ ، وفيهنّ نزلت هذه الاَية : وَمِنَ النّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الحَدِيثِ » .

حدثنا ابن وكيع ، قال : ثني أبي ، عن خَلاد الصفَار ، عن عبيد الله بن زَحْر ، عن عليّ بن يزيد ، عن القاسم ، عن أبي أُمامة ، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم بنحوه ، إلاّ أنه قال : «أكْلُ ثَمَنِهِنّ حَرَامٌ » وقال أيضا : «وفِيهِنّ أنْزَلَ اللّهُ عليّ هَذِهِ الاَيَةَ : وَمِنَ النّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الحَدِيثِ لِيُضِلّ عَنْ سَبِيلِ اللّهِ » .

حدثني عبيد بن آدم بن أبي إياس العسقلاني ، قال : حدثنا أبي ، قال : حدثنا سليمان بن حيان ، عن عمرو بن قيس الكلابي ، عن أبي المهلّب ، عن عبيد الله بن زَحْر ، عن عليّ بن يزيد ، عن القاسم ، عن أبي أُمامة . قال : وثنا إسماعيل بن عَياش ، عن مُطَرّح بن يزيد ، عن عبيد الله بن زَحْر ، عن عليّ بن زيد ، عن القاسم ، عن أبي أُمامة الباهلي ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : «لا يحلّ تَعْلِيمُ المُغَنّياتِ ، وَلا بَيْعُهُنّ وَلا شِرَاؤُهُنّ ، وثَمَنُهُنّ حَرامٌ ، وقَدْ نَزَلَ تَصْدِيقُ ذلكَ فِي كِتابِ اللّهِ وَمِنَ النّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الحَدِيثِ إلى آخر الاَية » .

وقال آخرون : بل معنى ذلك : من يختار لهو الحديث ويستحبه . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قَتادة ، قوله : وَمِنَ النّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الحَدِيثِ لِيُضِلّ عَنْ سَبِيلِ اللّهِ بغَيْرِ عِلْمٍ والله لعله أن لا ينفق فيه مالاً ، ولكن اشتراؤه استحبابه ، بحسب المرء من الضلالة أن يختار حديث الباطل على حديث الحقّ ، وما يضرّ على ما ينفع .

حدثني محمد بن خلف العسقلاني ، قال : حدثنا أيوب بن سويد ، قال : حدثنا ابن شوذب ، عن مطر ، في قول الله وَمِنَ النّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الحَدِيثِ قال : اشتراؤه : استحبابه .

وأولى التأويلين عندي بالصواب تأويل من قال : معناه : الشراء ، الذي هو بالثمن ، وذلك أن ذلك هو أظهر معنييه .

فإن قال قائل : وكيف يشتري لهو الحديث ؟ قيل : يشتري ذات لهو الحديث ، أو ذا لهو الحديث ، فيكون مشتريا لهو الحديث .

وأما الحديث ، فإن أهل التأويل اختلفوا فيه ، فقال بعضهم : هو الغناء والاستماع له . ذكر من قال ذلك :

حدثني يونس بن عبد الأعلى ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرني يزيد بن يونس ، عن أبي صخر ، عن أبي معاوية البجلي ، عن سعيد بن جُبَير ، عن أبي الصهباء البكري ، أنه سمع عبد الله بن مسعود وهو يُسأل عن هذه الاَية وَمِنَ النّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الحَدِيثِ لِيُضِلّ عَنْ سَبِيلِ اللّهِ بغَيْرِ عِلْمٍ فقال عبد الله : الغناء ، والذي لا إله إلاّ هو ، يردّدها ثلاث مرّات .

حدثنا عمرو بن عليّ ، قال : حدثنا صفوان بن عيسى ، قال : أخبرنا حميد الخراط ، عن عمار ، عن سعيد بن جُبَير ، عن أبي الصهباء ، أنه سأل ابن مسعود ، عن قول الله وَمِنَ النّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الحَدِيثِ قال : الغناء .

حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا عليّ بن عابس ، عن عطاء ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس وَمِنَ النّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الحَدِيثِ قال : الغِناء .

حدثنا عمرو بن عليّ ، قال : حدثنا عمران بن عيينة ، قال : حدثنا عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جُبَير ، عن ابن عباس وَمِنَ النّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الحَدِيثِ قال : الغناء وأشباهه .

حدثنا ابن وكيع ، والفضل بن الصباح ، قالا : حدثنا محمد بن فضيل ، عن عطاء ، عن سعيد بن جُبَير عن ابن عباس ، في قوله : وَمِنَ النّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الحَدِيثِ قال : هو الغناء ونحوه .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا حكام بن سلم ، عن عمرو بن أبي قيس ، عن عطاء ، عن سعيد بن جُبَير عن ابن عباس ، مثله .

حدثنا الحسين بن عبد الرحمن الأنماطي ، قال : حدثنا عبيد الله ، قال : حدثنا ابن أبي ليلى ، عن الحكم ، عن مقسم ، عن ابن عباس ، قال : هو الغناء والاستماع له ، يعني قوله : وَمِنَ النّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الحَدِيثِ .

حدثنا الحسن بن عبد الرحيم ، قال : حدثنا عبيد الله بن موسى ، قال : حدثنا سفيان ، عن قابوس بن أبي ظبيان ، عن أبيه ، عن جابر ، في قوله : وَمِنَ النّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الحَدِيثِ قال : هو الغناء والاستماع له .

حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبي ، عن ابن أبي ليلى ، عن الحكم أو مقسم ، عن مجاهد ، عن ابن عباس قال : شراء المغنية .

حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا حفص والمحاربي ، عن ليث ، عن الحكم ، عن ابن عباس ، قال : الغناء .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله وَمِنَ النّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الحَدِيثِ لِيُضِلّ عَنْ سَبِيلِ اللّهِ قال : باطل الحديث : هو الغناء ونحوه .

حدثنا ابن بشار وابن المثنى ، قالا : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن حبيب ، عن مجاهد وَمِنَ النّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الحَدِيثِ قال : الغناء .

حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر وعبد الرحمن بن مهدي ، عن شعبة ، عن الحكم ، عن مجاهد أنه قال في هذه الاَية وَمِنَ النّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الحَدِيثِ قال : الغناء .

حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن حبيب عن مجاهد قال : الغناء .

قال : ثنا أبي ، عن شعبة ، عن الحكم ، عن مجاهد ، مثله .

حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا الأشجعي ، عن سفيان ، عن عبد الكريم ، عن مجاهد وَمِنَ النّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الحَدِيثِ قال : هو الغناء ، وكلّ لعب لهو .

حدثنا الحسين بن عبد الرحمن الأنماطي ، قال : حدثنا عليّ بن حفص الهمداني ، قال : حدثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد وَمِنَ النّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الحَدِيثِ قال : الغناء والاستماع له وكل لهو .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله وَمِنَ النّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الحَدِيثِ قال : المغني والمغنية بالمال الكثير ، أو استماع إليه ، أو إلى مثله من الباطل .

حدثني يعقوب وابن وكيع ، قالا : حدثنا ابن علية ، عن ليث ، عن مجاهد ، في قوله وَمِنَ النّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الحَدِيثِ قال : هو الغناء أو الغناء منه ، أو الاستماع له .

حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا عثام بن عليّ ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن شعيب بن يسار ، عن عكرمة قال : لَهْوَ الحَدِيثِ : الغناء .

حدثني عبيد بن إسماعيل الهَبّاريّ ، قال : حدثنا عَثّام ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن شعيب بن يسار هكذا قال عكرمة ، عن عبيد مثله .

حدثنا الحسين بن الزبرقان النخعي ، قال : حدثنا أبو أسامة وعبيد الله ، عن أسامة ، عن عكرمة ، في قوله وَمِنَ النّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الحَدِيثِ قال : الغناء .

حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبي ، عن أسامة بن زيد ، عن عكرمة ، قال : الغناء .

وقال آخرون : عنى باللهو : الطّبل . ذكر من قال ذلك :

حدثني عباس بن محمد ، قال : حدثنا حجاج الأعور ، عن ابن جُرَيج ، عن مجاهد ، قال : اللهو : الطبل .

وقال آخرون : عنى بلهو الحديث : الشرك . ذكر من قال ذلك :

حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ ، يقول : أخبرنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول ، في قوله : وَمِنَ النّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الحَدِيثِ يعني الشرك .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله وَمِنَ النّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الحَدِيثِ لِيُضِلّ عَنْ سَبِيلِ اللّهِ بغَيْرِ عِلْمٍ ، ويَتّخِذها هُزُوا قال : هؤلاء أهل الكفر ، ألا ترى إلى قوله : وَإذا تُتْلَى عَلَيْهِ آياتُنا وَلّى مُسْتَكْبِرا كأنْ لَمْ يَسْمَعْها ، كأنّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرا فليس هكذا أهل الإسلام ، قال : وناس يقولون : هي فيكم ، وليس كذلك ، قال : وهو الحديث الباطل الذي كانوا يَلْغَون فيه .

والصواب من القول في ذلك أن يقال : عنى به كلّ ما كان من الحديث ملهيا عن سبيل الله ، مما نهى الله عن استماعه أو رسولُه ، لأن الله تعالى عَمّ بقوله لَهْوَ الحَدِيثِ ولم يخصص بعضا دون بعض ، فذلك على عمومه ، حتى يأتي ما يدلّ على خصوصه ، والغناء والشرك من ذلك .

وقوله : لِيُضِلّ عَنْ سَبِيلِ اللّهِ يقول : ليصدّ ذلك الذي يشتري من لهم الحديث عن دين الله وطاعته ، وما يقرّب إليه من قراءة قرآن ، وذكر الله . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس لِيُضِلّ عَنْ سَبِيلِ اللّهِ قال : سبيل الله : قراءة القرآن ، وذكر الله إذا ذكره ، وهو رجل من قريش اشترى جارية مغنية .

وقوله : بغَيْرِ عِلْمٍ يقول : فعل ما فعل من اشترائه لهو الحديث ، جهلاً منه بما له في العاقبة عند الله من وزر ذلك وإثمه . وقوله وَيَتّخِذَها هُزُوا اختلفت القرّاء في قراءة ذلك ، فقرأته عامة قرّاء المدينة والبصرة ، وبعض أهل الكوفة : «وَيَتّخِذُها » رفعا ، عطفا به على قوله : يَشْتَرِي كأن معناه عندهم : ومن الناس من يشتري لهو الحديث ، ويتخذ آيات الله هزوا . وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة : وَيَتّخِذَها نصبا عطفا على يضلّ ، بمعنى : ليضلّ عن سبيل الله ، وليتخذَها هُزُوا .

والصواب من القول في ذلك : أنهما قراءتان معروفتان في قرّاء الأمصار ، متقاربتا المعنى ، فبأيتهما قرأ القارىء ، فمصيب الصواب في قراءته ، والهاء والألف في قوله : ويَتّخِذَها من ذكر سبيل الله . ذكر من قال ذلك :

21375حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله : وَيَتّخِذَها هُزُوا قال : سبيل الله .

وقال آخرون : بل ذلك من ذِكر آيات الكتاب .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قال : بِحَسْب المرء من الضلالة ، أن يختار حديث الباطل على حديث الحقّ ، وما يضرّ على ما ينفع .

ويَتّخِذَها هُزُوا يستهزىء بها ويكذّب بها . وهما من أن يكونا من ذكر سبيل الله أشبه عندي لقربهما منها ، وإن كان القول الاَخر غير بعيد من الصواب . واتخاذه ذلك هُزُوا هو استهزاؤه به .

وقوله : أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ يقول تعالى ذكره : هؤلاء الذين وصفنا أنهم يشترون لهو الحديث ليضلوا عن سبيل الله ، لهم يوم القيامة عذاب مُذِلّ مخزٍ في نار جهنم .