مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَشۡتَرِي لَهۡوَ ٱلۡحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ بِغَيۡرِ عِلۡمٖ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًاۚ أُوْلَـٰٓئِكَ لَهُمۡ عَذَابٞ مُّهِينٞ} (6)

{ وَمِنَ الناس مَن يَشْتَرِى لَهْوَ الحديث } نزلت في النضر بن الحرث وكان يشتري أخبار الأكاسرة من فارس ويقول : إن محمداً يقص طرفاً من قصة عاد وثمود فأنا أحدثكم بأحاديث الأكاسرة فيميلون إلى حديثه ويتركون استماع القرآن . واللهو كل باطل ألهى عن الخير وعما يعني ولهو الحديث نحو السمر بالأساطير التي لا أصل لها والغناء وكان ابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهما يحلفان أنه الغناء . وقيل : الغناء مفسدة للقلب منفدة للمال مسخطة للرب . وعن النبي صلى الله عليه وسلم " ما من رجل يرفع صوته بالغناء إلا بعث الله عليه شيطانين : أحدهما على هذا المنكب والآخر على هذا المنكب فلا يزالان يضربانه بأرجلهما حتى يكون هو الذي يسكت " والاشتراء من الشراء كما روي عن النضر ، أو من قوله { اشتروا الكفر بالإيمان } أي استبدلوه منه واختاروه عليه أي يختارون حديث الباطل على حديث الحق . وإضافة اللهو إلى الحديث للتبيين بمعنى «من » ، لأن اللهو يكون من الحديث ومن غيره فبيّن بالحديث والمراد بالحديث الحديث المنكر كما جاء في الحديث " الحديث في المسجد يأكل الحسنات كما تأكل البهيمة الحشيش " أو للتبعيض كأنه قيل : ومن الناس من يشتري بعض الحديث الذي هو اللهو منه .

{ لِيُضِلَّ } أي ليصد الناس عن الدخول في الإسلام واستماع القرآن ، { ليضَل } مكي وأبو عمرو أي ليثبت على ضلاله الذي كان عليه ويزيد فيه { عَن سَبِيلِ الله } عن دين الإسلام والقرآن { بِغَيْرِ عِلْمٍ } أي جهلاً منه بما عليه من الوزر به { وَيَتَّخِذَهَا } أي السبيل بالنصب كوفي غير أبي بكر عطفاً على { ليضل } ومن رفع عطفه على { يشتري } { هُزُواً } بسكون الزاي والهمزة : حمزة ، وبضم الزاي بلا همز : حفص ، وغيرهم بضم الزاي والهمزة { أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ } أي يهينهم و «من » لإبهامه يقع على الواحد والجمع أي النضر وأمثاله