بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَشۡتَرِي لَهۡوَ ٱلۡحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ بِغَيۡرِ عِلۡمٖ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًاۚ أُوْلَـٰٓئِكَ لَهُمۡ عَذَابٞ مُّهِينٞ} (6)

قوله عز وجل : { وَمِنَ الناس مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الحديث } يعني : من الناس ناس يشترون أباطيل الحديث ، وهو النضر بن الحارث كان يخرج إلى أرض فارس تاجراً ، ويشتري من هنالك من أحاديثهم ، ويحمله إلى مكة ويقول لهم : إن محمداً يحدثكم بالأحاديث طرفاً منها ، وأنا أحدثكم بالحديث تاماً { لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ } يعني : يصرف الناس عن دين عز وجل . ويقال : يشتري جواري مغنيات . قال أبو الليث رحمه الله : حدثني الثقة بإسناده عن أبي أمامة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لاَ يَحِلُّ بَيْعُ المُغَنِّيَاتِ وَلا شِرَاؤُهُنَّ وَلا التِّجَارَةُ فِيهِنَّ وَأَكْلُ أثْمَانِهِنَّ حَرَامٌ » . وفيه أنزل الله عز وجل هذه الآية { وَمِنَ الناس مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الحديث } .

وروى مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله { وَمِنَ الناس مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الحديث } قال : " شراء المغنية " . ويقال : { لَهْوَ الحديث } هاهنا الشرك . يعني : يختار الشرك على الإيمان ليضل عن سبيل الله عز وجل . يعني : ليصرف الناس بذلك عن سبيل الله { بِغَيْرِ عِلْمٍ } يعني : بغير حجة { وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً } يعني : سبيل الله عز وجل ، لأن السبيل مؤنث كقوله تعالى : { قُلْ هذه سبيلي } [ يوسف : 108 ] ويقال : { وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً } يعني : آيات القرآن التي ذكر في أول السورة استهزاء بها ، حيث جعلها بمنزلة حديث رستم واسفنديار . وقرأ ابن كثير وأبو عمرو : { لِيُضِلَّ } بنصب الياء . وقرأ الباقون : بالضم . فمن قرأ بالنصب فمعناه : ليضل بذلك عن سبيل الله . يعني : بترك دين الإسلام . ومن قرأ بالضم يعني : بصرف الناس عن دين الإسلام ، ويصرف نفسه أيضاً . وقرأ حمزة والكسائي وعاصم في رواية حفص : { وَيَتَّخِذَهَا } بنصب الذال . وقرأ الباقون : بالضم . فمن نصبها ردّها على قوله : { لِيُضِلَّ } يعني : لكي يضل ولكي { يتخذها هُزُواً } ومن قرأ : بالضم ردّها على قوله : { وَمِنَ الناس مَن يَشْتَرِى لَهْوَ الحديث } { وَيَتَّخِذَهَا } وقال { أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ } يهانون به .