غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَشۡتَرِي لَهۡوَ ٱلۡحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ بِغَيۡرِ عِلۡمٖ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًاۚ أُوْلَـٰٓئِكَ لَهُمۡ عَذَابٞ مُّهِينٞ} (6)

1

ثم بين حال المعرضين عن الحق بقوله { ومن الناس من يشتري لهو الحديث } الإضافة بمعنى " من " أي الحديث الذي هو لهو ومنكر .

وجوز في الكشاف أن تكون " من " للتبعيض أي يشتري بعض الحديث الذي هو اللهو منه وفيه نظر ، لأنه يصح هذا التأويل في قولنا " خاتم فضة " وليس بمشهور . قال المفسرون : نزلت في النضر بن الحرث وكان يتجر إلى فارس فيشتري كتب الأعاجم فيحدث بها قريشاً . وقيل : كان يشتري المغنيات فلا يظفر بأحد يريد الإسلام إلا انطلق به إلى قينته فيقول : أطعميه واسقيه وغنيه ويقول : هذا خير مما يدعوك محمد إليه من الصلاة والصيام وأن تقاتل بين يديه . فعلى هذا معنى { ليضل } بضم الياء ظاهر ، ومن قرأ بالفتح فمعناه الثبات على الضلال أو الإضلال نوع من الضلال . وقوله { بغير علم } متعلق ب { يشتري } كقوله { فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين }

[ البقرة : 16 ] أي للتجارة قاله في الكشاف وغيره . ولا يبعد عندي تعلقه بقوله { ليضل } كما قال { ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم } [ النحل : 25 ] قال المحققون : ترك الحكمة والاشتغال بحديث آخر قبيح ، وإذا كان الحديث لهواً لا فائدة فيه كان أقبح . وقد يسوغه بعض الناس بطريق الإحماض كما ينقل عن ابن عباس أنه قال أحمضوا . وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم { روِّحوا القلوب ساعة فساعة }

والعوام يفهمون منه الترويح بالمطايبة وإن كان الخواص يحملونه على الاشتغال بجانب الحق كقوله " يا بلال روّحنا " ثم إنه إذا لم يقصد به الإحماض بل يقصد به الإضلال لم يكن عليه مزيد في القبح ولاسيما إذا كان معه اشتغاله بلهو الحديث مستكبراً عن آيات الله التي هي محض الحكمة كما قال { وإذا تتلى عليه آياتنا ولى مستكبراً } .

/خ19