بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{أَوَلَمۡ يَرَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ أَنَّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ كَانَتَا رَتۡقٗا فَفَتَقۡنَٰهُمَاۖ وَجَعَلۡنَا مِنَ ٱلۡمَآءِ كُلَّ شَيۡءٍ حَيٍّۚ أَفَلَا يُؤۡمِنُونَ} (30)

قوله عز وجل : { أَوَ لَمْ يَرَ الذين كَفَرُواْ } ، يعني : أولم يخبروا في الكتاب ؟ قرأ ابن كثير : { أَلَمْ يَرَوْاْ } بغير واو والباقون { أَوَ لَمْ } بالواو ومعناهما قريب . { ءانٍ السموات والأرض كَانَتَا رَتْقاً ففتقناهما } ، يعني : فرقناهما وأبنا بعضها من بعض ؛ وقال مجاهد : كانت السماء لا تمطر والأرض لا تنبت ، ففتقناهما بالمطر والنبات ، وقال القتبي : كانتا منضمتين ففتقناهما ، ففتقنا السماء بالمطر ، والأرض بالنبات وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال : كانت السموات واحدة والأرض واحدة ، فتفتقت السماء سبعاً ، والأرض مثلهن ؛ وقال الزجاج : ذكر السموات والأرض ثم قال : { كَانَتَا رَتْقاً } ففتقناهما ، لأن السموات يعبر عنها بالسماء بلفظ الواحد ، وأن السموات كانت سماء واحدة وكذلك الأرض ؛ والمعنى أن السموات كانت واحدة ففتقتها وجعلتها سبعاً ، وكذلك الأرض . وقيل : إنما فتقت السماء بالمطر والأرض بالنبات بدليل قوله : { وَجَعَلْنَا مِنَ الماء كُلَّ شَىْء حَىّ } ، فقال : رتقاً ولم يقل رتقين ، لأن الرتق مصدر ، والمعنى كانتا ذواتي رتق ، ودلهم بهذا على توحيده حيث قال : { وَجَعَلْنَا مِنَ الماء كُلَّ شَىْء حَىّ } يعني : جعلنا الماء حياة كل شيء وهو قول مقاتل ؛ وقال قتادة : خلق كل شيء حي من الماء ؛ وقال أبو العالية رحمه الله : { وَجَعَلْنَا مِنَ الماء } يعني : من النطفة . { أَفَلاَ يُؤْمِنُونَ } ؟ يعني : أفلا يصدقون بتوحيد الله بعد هذه العجائب .