جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{أَوَلَمۡ يَرَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ أَنَّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ كَانَتَا رَتۡقٗا فَفَتَقۡنَٰهُمَاۖ وَجَعَلۡنَا مِنَ ٱلۡمَآءِ كُلَّ شَيۡءٍ حَيٍّۚ أَفَلَا يُؤۡمِنُونَ} (30)

{ أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا } أي : جماعة السموات ، وجماعة الأرض كانتا مرتوقتين يعني جميعهما في أول الأمر متصل متلاصق بعضهما ببعض ، { فَفَتَقْنَاهُمَا } ، فصارت السموات سبعا ، والأرض كذلك ، أو كانتا رتقا لا تمطر ولا تنبت ففتقنا بالمطر والنبات ، فعلى هذا المراد من السموات سماء الدنيا ، وجميعها باعتبار الأفق ، أو جميع السموات على أن للكل مدخلا في الإمطار ، والرتق هو الضم والالتحام ، فإن قلت متى رأوهما رتقا حتى جاء تقريرهم بذلك ؟ قلت : الفتق مشاهدة عارض يفتقر{[3254]}* إلى مؤثر واجب ، والرتق ممكن أخبر به القرآن المعجز فهم لو نظروا لعلموا ، { وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء{[3255]} كُلَّ شَيْءٍ حَيّ } ، أي كل شيء موجود أصله من الماء ، فإن الله خلق الماء قبل الأشياء ، ثم خلقها منه ، أو خلقنا كل حيوان من الماء ، أي : من النطفة ، أو صيرنا كل شيء له نوع حياة كحيوان ونبات من الماء ، ولا بد له منه نحو خلق الإنسان من عجل فعلى هذا جعل متعد إلى مفعولين{[3256]} ، { أَفَلَا يُؤْمِنُونَ{[3257]}


[3254]:* وفي النسخة (ن): مفتقر.
[3255]:وفي النسخة (ن): مفتقر. نقل الإمام أحمد وابن أبي حاتم أنه قال عليه السلام: {خلق كل شيء من الماء} /12 [وقال الشيخ أحمد شاكر في (التعليق على المسند) (7919): إسناده صحيح].
[3256]:يعني: قوله من الماء، وكل شيء مفعولاه /12 وجيز.
[3257]:فيه معنى التعجب من ضعف عقولهم يعني: أفلا يتدبرون تلك الأدلة فيتركوا الشرك /12.