فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{أَوَلَمۡ يَرَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ أَنَّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ كَانَتَا رَتۡقٗا فَفَتَقۡنَٰهُمَاۖ وَجَعَلۡنَا مِنَ ٱلۡمَآءِ كُلَّ شَيۡءٍ حَيٍّۚ أَفَلَا يُؤۡمِنُونَ} (30)

{ أَوَ لَمْ يَرَ الذين كَفَرُوا } الهمزة للإنكار ، والواو للعطف على مقدّر ، والرؤية هي القلبية ، أي ألم يتفكروا أو لم يعلموا { أن السماوات والأرض * كَانَتَا رَتْقاً } قال الأخفش : إنما قال : { كانتا } ، لأنهما صنفان أي جماعتا السماوات والأرضين كما قال سبحانه : { إِنَّ الله يُمْسِكُ السماوات والأرض أَن تَزُولاَ } [ فاطر : 41 ] وقال الزجاج : إنما قال { كانتا } لأنه يعبر عن السماوات بلفظ الواحد ، لأن السماوات كانت سماء واحدة ، وكذلك الأرضون . والرتق . السد ضدّ الفتق ، يقال : رتقت الفتق أرتقه فارتتق ، أي التأم ، ومنه الرتقاء للمنضمة الفرج ، يعني : أنهما كانتا شيئاً واحداً ملتزقتين ففصل الله بينهما ، وقال { رتقاً } ولم يقل «رتقين » لأنه مصدر ، والتقدير : كانتا ذواتي رتق ، ومعنى { ففتقناهما } ففصلناهما ، أي فصلنا بعضهما من بعض ، فرفعنا السماء ، وأبقينا الأرض مكانها { وَجَعَلْنَا مِنَ الماء كُلَّ شَيْء حَيّ } أي أحيينا بالماء الذي ننزله من السماء كل شيء ، فيشمل الحيوان والنبات ، والمعنى : أن الماء سبب حياة كل شيء . وقيل : المراد بالماء هنا : النطفة ، وبه قال أكثر المفسرين ، وهذا احتجاج على المشركين بقدرة الله سبحانه وبديع صنعه ، وقد تقدم تفسير هذه الآية ، والهمزة في { أَفَلاَ يُؤْمِنُونَ } للإنكار عليهم ، حيث لم يؤمنوا مع وجود ما يقتضيه من الآيات الربانية .

/خ35