الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{أَوَلَمۡ يَرَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ أَنَّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ كَانَتَا رَتۡقٗا فَفَتَقۡنَٰهُمَاۖ وَجَعَلۡنَا مِنَ ٱلۡمَآءِ كُلَّ شَيۡءٍ حَيٍّۚ أَفَلَا يُؤۡمِنُونَ} (30)

ثم قال تعالى : { أولم الذين كفروا أن السموات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما }[ 30 ] .

أي : أو لم يعلم هؤلاء المشركون بقلوبهم فيعلمون أن السماوات والأرض كان كل واحد منهما لا صدع فيه . لا تمطر السماء ولا تنبت الأرض ، { ففتقناهما } أي : فصدعهما{[45885]} الله بالماء والنبات ، فأنزل الله من السماء الماء ، وأخرج من الأرض النبات{[45886]} . هذا معنى قول عكرمة . قال : ( فتقت السماء بالمطر ، وفتقت الأرض بالنبات وهو قوله : { والسماء ذات الرجع والأرض ذات الصدع }{[45887]} وهو أيضا قول عطية وابن زيد . وهذا القول اختيار الطبري{[45888]} ، لأن بعده : { وجعلنا من الماء كل شيء حي } أي : من الماء الذي فتقنا السماء به . ووحد وثقا ، لأنه مصدر{[45889]} . يقال : رتق فلان الفتق . إذا سده ، فهو يرتقه رتقا{[45890]} .

وقيل : معنى الآية كانتا ملتصقتين ففصلنا بينهما بالهواء ، قاله : الحسن وقتادة{[45891]} .

وقال مجاهد : ( كانت السماء مرتتقة طبقة واحدة ، ففتقها الله سبع سماوات . وكذا{[45892]} الأرض . وهو قول أبي صالح والسدي{[45893]} .

وعن ابن عباس أن المعنى : ( أن السماء والأرض كانتا ملتصقتين{[45894]} بالظلام لأن الليل خلق قبل النهار ، ففتقهما الله تعالى بضوء النهار ){[45895]} .

وقوله : ( إن السماوات ) تدل على قول مجاهد .

وقيل قيل : إنما قال السماوات يريد به السماء ، لأن كل قطعة من سماء .

وقيل : إنما قال ( السماوات ) لأن المطر روي أنه ينزل من السماء السابعة . وروي أنه ينزل من الرابعة . وقد قالوا : ثوب{[45896]} أخلاق ، فجمعوا لأن كل قطعة منه خلقة ، فجمع لأن فيها قطع كثيرة .

وقوله : ( كانتا ) ، ولم يقل ( كن ) ، فإنما كان ذلك لأنهما صنفان{[45897]} ، كما قال تعالى : { يمسك السموات والأرض أن تزولا }{[45898]} وقيل : إنما كان{[45899]} ذلك لأن السماوات كانت سماء واحدة فعبر على الأصل .

وقوله تعالى : { وجعلنا من الماء كل شيء حي }[ 30 ] .

أي : كل شيء له حياة وموت كالإنسان والبهيمة والزرع والشجر ، لأن لها موتا إذا جفت ويبست{[45900]} فحياة جميع ذلك بالماء .

وقيل{[45901]} : هو حياة جميع الحيوان ، إنما جيء بالماء الذي بنباته يعيش كل [ شيء ]{[45902]} حي .

وقيل{[45903]} : عنى بالماء هنا ، النطفة خاصة .


[45885]:ع: فصدعها. والمثبت في النص من ز.
[45886]:ز: نباتا.
[45887]:انظر: زاد المسير 5/348 والقول لابن عباس في تفسير القرطبي 11/284 وفتح القدير 3/406، الطارق آية 11.
[45888]:انظر: جامع البيان 17/19-20.
[45889]:انظر: مشكل إعراب القرآن 2/479 والبيان في غريب إعراب القرآن 2/160.
[45890]:انظر: تهذيب اللغة 9/53 وأساس البلاغة 154 (رتق.
[45891]:انظر: جامع البيان 17/19 وزاد المسير 5/348 وتفسير ابن كثير 3/177 وتفسير القرطبي 11/283 والدر المنثور 4/317.
[45892]:ز : كذلك.
[45893]:انظر: جامع البيان 17/18-19 وزاد المسير 5/348 وتفسير ابن كثير 3/177 والدر المنثور 4/317.
[45894]:ز: متصلتين.
[45895]:انظر: جامع البيان 17/19 والدر المنثور 4/317.
[45896]:ز: أثواب.
[45897]:ز: طبقان: (تصحيف).
[45898]:فاطر آية 41.
[45899]:ز: قيل.
[45900]:ز: وحياة بدل (إذا جفت ويبست). (تحريف).
[45901]:القول للحسن في الدر المنثور 4/318.
[45902]:زيادة من ز.
[45903]:القول: لأبي العالية في الدر المنثور 4/318 وفتح القدير 3/406.