ثم وَقَفَهُمْ سبحانه على عِبْرَةٍ دَالَّةٍ على وَحْدَانِيَّتِهِ جَلَّتْ قُدْرَتُهُ ، فقال : { أَوَلَمْ يَرَ الذين كفروا أَنَّ السماوات والأرض كَانَتَا رَتْقاً } [ الأنبياء : 30 ] . والرَّتْقُ : المُلْتَصِقُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ ، الذي لا صَدْعَ فيه ولا فَتْحَ ، ومنه : امرأةً رتْقَاءُ ، واخْتُلِفِ في معنى قوله : { كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا } فقالت فِرْقَةٌ : كانت السماءُ مُلْتَصِقَةً بالأَرض ففتقها اللّهُ بالهواء ، وقالت فرقةٌ : كانت السمواتُ ملتصقةً بَعْضَهَا ببعضٍ ، والأرضُ كذلك ففتقهما اللّه سبعاً سبعاً فعلى هذين القولين فالرُّؤيَةُ الموقَفِ عليها رؤيةُ قلبٍ ، وقالت فرقةٌ : السماءُ قبل المَطَرَ رَتْقٌ ، والأَرضُ قبل النباتِ رَتْقٌ ففتقهما اللّه تعالى بالمَطَرِ والنَّبَاتِ كما قال تعالى : { والسماء ذَاتِ الرجع * والأرض ذَاتِ الصدع } [ الطارق : 11 ، 12 ] .
وهذا قولٌ حَسَنٌ يَجْمَعُ العِبْرَةَ وتعديدَ النعمةِ والحُجَّةِ بِمحسوسٍ بَيِّنٍ ، ويُنَاسِبُ قوله تعالى : { وَجَعَلْنَا مِنَ الماء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ } [ الأنبياء : 30 ] أي : من الماءِ الذي كان عَن الفَتْقِ ، فَيَظْهَرُ معنى الآية ، ويتوجَّهُ الاعتبارُ بها ، وقالت فرقة : السماءُ والأَرْضُ رَتْقٌ بالظُّلْمَةِ ففتقهما اللّه بالضَّوْءِ والرُّؤْيَةِ على هذين القولين رُؤْيَةُ العَيْنِ ، وباقي الآية بَيِّنٌ .
قال ( ص ) : قال الزَّجَّاجُ : السمواتُ جَمْعٌ أُرِيدَ به الواحد ؛ ولذا قال : { كَانَتَا رَتْقاً } . وقال الحُوفِيُّ : «قال : { كَانَتَا } والسمواتُ جَمْعٌ : لأَنَّهُ أرادَ الصنفين » انتهى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.