النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{أَوَلَمۡ يَرَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ أَنَّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ كَانَتَا رَتۡقٗا فَفَتَقۡنَٰهُمَاۖ وَجَعَلۡنَا مِنَ ٱلۡمَآءِ كُلَّ شَيۡءٍ حَيٍّۚ أَفَلَا يُؤۡمِنُونَ} (30)

قوله عز وجل : { . . . أَنَّ السَّموَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا } فيه ثلاثة تأويلات :

أحدها : أن السموات والأرض كانتا ملتصقتين ففتق الله بينهما بالهواء ، قاله ابن عباس{[1955]} .

الثاني : أن السموات كانت مرتتقة مطبقة ففتقها الله سبع سموات وكانت الأرض كذلك ففتقها سبع أرضين ، قاله مجاهد{[1956]} .

الثالث : أن السموات كانت رتقاً [ لا تمطر والأرض كانت رتقاً ]{[1957]} لا تنبت ، ففتق السماء بالمطر ، والأرض بالنبات ، قاله عكرمة ، وعطية ، وابن زيد{[1958]} .

والرتق سدُّ ، والفتق شق ، وهما ضدان ، قال عبد الرحمن بن حسان :

يهون عليهم إذا يغضبو *** ن سخط العداة وإرغامُها

ورتق الفتوق وفتق الرتو *** ق ونقض الأمور وإبرامها

قوله تعالى :{ وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ } فيه ثلاثة أقاويل :

أحدها : أن خلق كل شيء من الماء ، قاله قتادة .

الثاني : حفظ حياة كل شيء حي بالماء .

الثالث : وجعلنا من ماء الصلب كل شيء حي ، قاله قطرب .

{ أَفَلاَ يُؤْمِنُونَ } يعني أفلا يصدقون بما يشاهدون .


[1955]:وهو أيضا قول الحسن وقتادة وعطاء والضحاك وكعب الأحبار.
[1956]:وبه قال السدي وأبو صالح، وحكاه ابن قتيبة في عيون الأخبار له عن إسماعيل بن أبي خالد.
[1957]:ساقط من الأصل وقد أخذناه من تفسير القرطبي، والسياق يقتضيه.
[1958]:وحكاه المهدوي واختاره الطبري لأن بعده "وجعلنا من الماء كل شيء حي".