بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{إِذۡ جَآءُوكُم مِّن فَوۡقِكُمۡ وَمِنۡ أَسۡفَلَ مِنكُمۡ وَإِذۡ زَاغَتِ ٱلۡأَبۡصَٰرُ وَبَلَغَتِ ٱلۡقُلُوبُ ٱلۡحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِٱللَّهِ ٱلظُّنُونَا۠} (10)

قوله عز وجل : { إِذْ جاؤوكم مّن فَوْقِكُمْ } يعني : أتاكم المشركون من فوق الوادي . يعني : طلحة بن خويلد الأسدي { وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ } من قبل المغرب وهو أبو الأعور السلمي . ويقال : { مّن فَوْقِكُمْ } أي : من قبل المشرق ، مالك بن عوف ، وعيينة بن حصن الفزاري ، ويهود بني قريظة . { وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ } أبو سفيان . فلما رأى ذلك { وَإِذْ زَاغَتِ الأبصار } يعني : شخصت الأبصار فرقاً يعني : أبصار المنافقين ، لأنهم أشد خوفاً كأنهم خشب مسندة { وَبَلَغَتِ القلوب الحناجر } خوفاً ، هذا على وجه المثل . ويقال : اضطراب القلب يبلغ الحناجر . ويقال : إذا خاف الإنسان ، تنتفخ الرئة ، وإذا انتفخت الرئة ، يبلغ القلب الحنجرة . ويقال للجبان : منتفخ الرئة . { وَتَظُنُّونَ بالله الظنونا } يعني : الإياس من النصرة . يعني : ظننتم أن لن ينصر الله عز وجل محمداً صلى الله عليه وسلم . قرأ ابن كثير والكسائي وعاصم في رواية حفص : " الظنون " بالألف عند الوقف ، ويطرحونها عند الوصل . وكذلك في قوله { وَأَطَعْنَا الرسولا } [ الأحزاب : 66 ] { فأضلونا السبيلا } [ الأحزاب : 67 } . وقرأ نافع وابن عامر وعاصم في رواية أبي بكر : بالألف في حال الوصل والوقف . وقرأ أبو عمرو وحمزة بغير ألف في الحالتين جميعاً . فمن قرأ بالألف في الحالين ، فلاتباع الخط . لأن في مصحف الإمام وفي سائر المصاحف بالألف . ومن قرأ بغير ألف ، فلأن الألف غير أصلية ، وإنما يستعمل هذه الألف الشعراء في القوافي . وقال أبو عبيدة : أحب إلي في هذه الحروف أن يتعمد الوقف عليها بالألف ، ليكون متبعاً للمصحف ، واللغة .